عندما أقرأ الشعر في الفترة التي تمتد من أوليات القرن الثاني الهجري حتى نهاية القرن الرابع في الشام والعراق ، ثم أقرأ ما تكتبه الكثرة الغالبة في عصرنا من الشعر العمودي ؛ أشعر بكثير من المرارة ، وأسأل نفسي لماذا لا نجهد أنفسنا بعض الجهد لنتطور ، لماذا نلهث وراء ما كتبه القدماء فلا نبلغ منزلتهم ؟ لماذا لا نحاول اكتشاف أنفسنا مستقلين عن تكرار استعاراتهم وتشبيهاتهم وكناياتهم ، والنسج على منوالهم الأسلوبي ، ونحن في الحقيقة لم نستطع أن نلمس كعوبهم .

إنني أعتقد أن شعراءنا الذين يكتبون الشعر العمودي يستطيعون أن يحققوا داخل القوالب العمودية نفسها تطورا كبيرا إذا عرفوا كيف تكون لهم أساليبهم الخاصة وكيف يتجاوزون الوقوع في التكرارية المخيفة حين ينتجون المجاز والاستعارة ، وهناك قليل من الشعراء يفعلون ذلك بالفعل ، فلماذا لم تفكر هذه الكثرة الغالبة في الكيفيات التي بها يتميز هؤلاء القليلون الذين يعيشون بيننا ؟

سيغضب الكثيرون من أصدقائي علي وعلى هذا المقال ، نعم ، ولكن هذا الغضب لن يغير شيئا من الحقيقة ، وما أبرئ نفسي مما أتهم الكثيرين به ، نحن في مأزق تعبيري يجب أن نجتهد لكي نتجاوزه