كتبت : مريم فؤاد

  العشوائيات في مصر كارثة يندى لها الجبين ، نساء و رجال ، شيوخ و أطفال يعيشون على الهامش في دائرة النسيان محرومون

  من ادني حد للحياة الكريمة ، و لنا هنا نظرة مع صوت المواطن عن قرب لنعرف معاً … “كيف يعيش سكان العشوائيات”.

  ها هو أحد المسئولين لاصطحابنا معه في جولة لأحد عشوائيات مصر، و بيننا وبين أنفسنا لن نتردد أننا سوف نعتبر أن هذه الجولة

  بمثابة الحُلم الذي نادراً ما يتحقق ، و هذا أن تحقق في الأساس وهذه ليست بمبالغة ، و أثناء جولتنا عندما وطئت قدم المسئول

  مستنقع العشوائيات فحقاً فأن كثيراً من عشوائيات مصر يمكن وضعها تحت مسمى “مستنقعات” ، وحينها نظر المسئول و تساءل

  بينه و بين نفسه ، كيف يعيش هؤلاء بحياة كهذه ؟؟ ، نعم سيدي المسئول فما شعرت به من قمة في القزازة و الاشمئزاز بوسط أُناساً

  يعيشونها تلك الحياة و إحساسهم المرير بأهانة كرامة الإنسان بعدم توافر مجرد بدائيات الحياة.

  فأن العشوائيات في مصر تشترك في معاناتها من مشاكل أساسية من عدم وجود خطط تنظيمية ، و الافتقار إلى المرافق و الخدمات

  الأساسية و تدنى مستوى المعيشة ، و انتشار الفقر والأمية و المرض لنعتبرهم هم القاسم المشترك الأعظم بين سكان العشوائيات

  فضلاً عن تدهور القيم والتقاليد حيث تسود سلوكيات اجتماعية مريضة وخطيرة تهدد استقرار الأسرة والمجتمع بأسره ، بالإضافة

  عن عدم احترام خصوصية الجيران و انتهاك حرماتهم ، و انتشار السرقة و البلطجة و العنف المتبادل ، و زيادة معدلات الجريمة

  بشكل عام و الاتجار في المخدرات ، و عمالة الأطفال و تدنى مستوى الوعي الثقافي و التعليمي ، بالإضافة إلى تدهور الأوضاع

  البيئية حيث يعتبر المسكن غير صحي عندما لا تتوافر به شروط صحية تلاءم من يسكن به ، و عدم وجود نظام لجمع القمامة

  الأمر الذي يخلق بيئة مناسبة لانتشار الإمراض ، و جميع أنواع التلوث السمعي والبصري ، و لن نتحدث كثيرااا عن الصرف

  ففي بعض الأحيان تختلط مياه الصرف الصحي بمياه الشرب ، و بالنسبة للكهرباء فان الوسيلة المنتشرة هي سرقة التيار الكهربائي

  من المصادر العمومية.

  ليصرخُها “الاهالى” الذين يعانون بوجه الحكومة بنبرة عالية دائماً ما يحتويها الصم والصمت و يشتكون للمسئولين … فتارة لا

  استجابة لهم … و تارة يقولون أن المشكلات قد حُلت ، و لكن كيف ؟؟ و عندما تنزل وترصُد كاميرات الميديا كل ما تقع عليه العين

  قمامة على ضفتي الترعة … تكاد تُمهد السبيل للإمراض  و أعمدة إنارة متهالكة … و مياه ملوثة تهدد بكارثة صحية بأهالي المناطق

  العشوائية و مستشفى خالية من الأطباء … و أن وجدوا فلا أجهزة و لا دواء ، فأين ذهبت “عين شمس ، المرج ، المطرية ، الوايلى

  شبرا ، الزيتون ، حلوان ، دار السلام ، السيدة زينب ، مصر القديمة” ، فتلك المناطق تلتهم “النهضة العمرانية لمصر الحديثة”.

  سكان العشوائيات ، ليسوا بأحسن حال من سكان المقابر فكلاهما في كفة واحدة ، و هي كفة الفقر و الحرمان و الشقاء ، و العشوائيات

  أصبحت مثل علبة السردين المغلقة لا تستطيع سيارة مطافئ و لا إسعاف ولا شرطة أن تدخلها ، فشوارعها ضيقة و ملتوية مثل :

  الثعابين ، فقد أصبحت بما تحتويه من كافة السمات غير الحضارية و المشاكل الاقتصادية و الاجتماعية قنابل موقوتة سرعان ما

  بدأت في الانفجار.

  تتعدد و تتشابك الأسباب المتعلقة بنشأة المناطق العشوائية في مصر وتناميها ، و باستقراء تلك الأسباب يتضح أن الدولة قد تكون

  مسئولة في جانب كبير عن تفاقم العشوائيات ، وليس سكان تلك المناطق فقط هم المسئولون عن إنشائها سواء لعدم فعالية القوانين

  أو فساد الأجهزة المحلية ، أو اعتراف الدولة بالعشوائيات ، أو السياسات الاجتماعية و الاقتصادية المطبقة في مصر ، و كثيراً ما

  تتحدث الحكومة عن مشروع لتهذيب و تطوير العشوائيات ، لكن شيئاً من هذا المشروع لم ير النور رغم أنها حصلت على أموال

  ومنح أجنبية طائلة لمعالجة هذه العشوائيات ، و لا نعرف حتى اليوم “أين ذهبت هذه المنح”؟؟ و هو ما يشير إلى إن هناك فساداً

  فى التعامل مع المعونات و المنح ، و ليس هناك شفافية ، فضلاً عن إن رد فعل الحكومة محدود وبطئ للغاية.

  تطوير العشوائيات شعار ترفعه الحكومة كل فترة ، خاصة بعد تنامي إحداث الإرهاب في الثمانينات والتسعينات وتصاعده حالياً

  والفترة السابقة ، و خروج معظم الجماعات الإرهابية من هذه المناطق العشوائية ، إلا انه عندما تستشعر الحكومة أحيانا بإخماد

  موجات الإرهاب ، تعدل الحكومة عن أرائها ، وتترك الأمور على ما هي عليه ، حيث يعانى المواطنون في هذه المناطق من انعدام

  الحياة ، هكذا تحول الحديث عن تطوير العشوائيات إلى “أكذوبة” حكومية كبرى و لعبة مكشوفة في كل انتخابات.

  بقى أن نذكر أن المجتمعات العشوائية و بسواء كنا قد غضضنا عنها البصر في الماضي فقد حان الوقت لمواجهتها و الاعتراف

  بتواجدها ، و ليستشعر المسئولين والحكومة ضميرهم بمقولة ساكني العشوائيات “الحكومة لا تعترف بنا مواطنين … و نشكو

  أحوالنا إلى الله”. لنطلق هنا سؤالاً بصميم كيان الحكومة ، هل نتركهم يعانون الموت أم ما زالت قلوبهم تعرف النبض و الأمل

  في حيااااااة كريمة ؟؟!! … فهل من مجيب.