قصة : رضا محمد عبد الرحيم
تمرد الراوى- فى كل الحكايات القديمة- على غواية الحكى؛اراد لنفسهُ أن يقوم بدور البطولة ولو مرة واحدة .
قفز من كتاب الحواديت ،وتابع سيرهُ على أرض مطار العاصمة،
وعليه وقار ومسوح الصالحين،تعبث أصابعهُ بالمسبحة الكهرمان
. تساءل- وكان يعى أن إنتصار الخير فى كل الحكايات القديمة مزحة تسر قلوب الطيبين السذج فقط،،وكان يدرك أن الشر ينتصر دائما فى النهاية..وأن الأشرار فقط هم الأبطال الذين يكتبون الواقع والمستقبل-،لماذا يهبط فى ملابس القديسين؟
!! وبعزم قوى تأهب لإنتزاع نفسهُ مما كانت فيه،الزى … الوظيفة ،غير أنه لم يستطع التخلى عن المسبحة!!،أطرق قائلا:أستمتع بالحياة ..عيشها ،متع نفسك متاعا عريضا!!فأنت هنا البطل.وبمجرد أن وقعت عيناه عليها،سرعان ما تبدل حاله،من الوقار إلى المجون،إنها شهرزاد تتحدث فتأخذه إلى ما يتمناه من اللهو الغير برىء؛و الذى هبط من أجله،آن له أن ينغمس فى الشهوة التى كان يرويها دون أن يحس بنارها ورمادها،والتى كانت سببا فى تدمير ممالك وإقامة إمبراطوريات…!!
جاء دوره الجديد مناسبا لهدفه ؛فهو مديرا لشهرزاد ،وعليها أن تساعده فى إرتكاب خطيئته الأولى ،وكلما رآها أنفرد وجهه بحمرة من إندفعت إلى شراينه كل دماء البشر.. عينيها المكحولتين ..
طريقة مشيتها،كل هذه الإستدارات والنتوءات البارزة بلا رحمة،يحاول أن يستميلها : سأجعلك مديرة المكان ،وصاحبة الكلمة الأولى والأخيرة على كل من يعمل فيه ،تنهره فهى زوجة وأم. فيدفعه رفضها لبطولة آخرى ،وقناعا آخر.فكل الأبطال-كما يعلم- يتحلون بالدهاء والخديعة،وعليه أن يكون كذلك : يبادرها بصوت رخيم عن مرض زوجته ،وحرمانه من العاطفة ،وحاجته كرجل لفعل الحب ،ويفشل مرة أخرى..يصدمه رفضها مع أن كل البطلات يخضعن للبطل!!.يشدد الصراع بينهما :هو يزداد إصراره على هتك ستر الواقع،وان يصير بطلا،وهى تدافع عن عفتها بكل ما تملك .تصبح الحكاية رواية يقف فيها الراوى عاجزا حتى عن الدفاع عن رغبته،
أما شهرزاد فتمطتى لسانها وتتسلح بمهارتها فى الحكى وتسجل مذكرات ومحاضر تذهب بها إلى النيابة الإدارية،والمجلس الأعلى للمرأة .
ولا يجد الراوى أمامه غير الهروب إلى كتاب الحواديت مرة أخرى غير أن حراس الكتاب يرفضون دخولة بعد أن ُدنس..ليهبط هذه المرة إلى الأرض،
فلا يجد عملا بمهارته فى الحكى،وسبحته التى تلازمه كظله، سوى أن يعمل بائعا متجولا فى شوارع المدينة…