بقلم/عماد قطرى
مؤسس مركز عماد قطرى للابداع والتنمية الثقافية
وامينه العام
الثقافة بمفهومها الشامل ليست فقط نشر كتاب مع أهمية النشر الجاد بالطبع , الثقافة وعي مجتمعي شامل تؤسس له عناصر عدة منها مثالا لا حصرا الكتاب و الشاشة و السينما و الجريدة و المتحف و المسرح و دور النشر و شركات الإنتاج السنيمائي والشفاهي من المحكي و التراثي وغير ذلك من وسائل تشكيل الوعي و الإدراك و تلك المسؤولية في الأساس تقوم بها الدول حماية لأمنها الثقافي الذي لا يقل بحال عن الأمن العسكري و الغذائي و غيرهما و في كل دول العالم للمجتمع المدني دوره المساند لدور المؤسسة لأن الدولة في سعيها للنهوض تحتاج لتكاتف الشرفاء و المخلصين من أبنائها وهذا أمر بدهي لا يختلف عليه عاقل وحتى في الدول التي تبنت الاشتراكية أو الفكر الشيوعي لم تهمل دور الثقافة و تأثيرها في الشعوب ومؤخرا عقد رئيس الجمهورية السيد عبدالفتاح السيسي مؤتمرا حاشدا برعايته الشخصية عن مؤسسات المجتمع المدني الأهلية و أنهم شركاء التنمية و أثنى على الدور الكبير الذي تقوم به تلك المؤسسات الأهلية .
المجتمع المدني دوره في التنمية بكل أشكالها ركيزة أساسية لا يهملها essay-writing إلا غبي يود العودة للظلام و الجهل و الانفراد بالأمر لأن للدولة قدرات ومهما عظمت مواردها لن تستطيع القيام بكل شيء في جميع المجالات … تنتج الدولة أفلاما لكنها كم تمثل من المجموع العام للإنتاج السنيمائي ؟ تنشر الدولة كتبا لكنها كم تمثل من مجموع ما تطبعه وتوزعه دور النشر الخاصة ؟ ولا يظن جاهل أن مشاركة مؤسسات المجتمع المدني هو إلغاء لدور المؤسسة أو تهميشها بل هو دعم ومعاضدة و إكمال لنقص و سد لعجز ولا يظنن سفيه أن تلك المنظمات التي تعمل برعاية الدولة تسعى لإسقاط الدولة بل هي جزء من الدولة ولو سقطت المؤسسة الرسمية لن ينجو أحد من الطوفان ., كل ذلك لا يمنع من نقد المؤسسة أو السعي لإصلاحها و حينها لا يجب اتهام الناقدين بأنهم يسعون ليكونوا بدلاء للمؤسسة الرسمية فتلك سخافة و جهل .
هنا السؤال المشروع عن معرض الكتاب الدولي في القاهرة : هل تستطيع الدولة وحدها بمؤسساتها الثقافية المتمثلة في الهيئة العامة للكتاب و هيئة قصور الثقافة و غيرهما بتغطية المعرض بالكتب اللازمة لثقافة شعب تجاوز المائة مليون نسمة ؟ أم أن دور النشر الخاصة التي قامت بجهود مجتمعية جبارة في الصناعات الثقافية هي من غطت قصور الهيئتين الرسميتين و أكملت عجزهما في ذلك ؟ ولك أن تتخيل معرضا كبيرا بحجم معرض القاهرة تعرض فيه المؤسسة ما طبعت , هل حينها يقول جاهل أن المؤسسات الخاصة احتلت دور الدولة أو ألغته ؟ فمن الذي صرح لهذه الدور بممارسة دورها التثقيفي ؟ أليست هي الدولة إيمانا منها بدور مؤسسات المجتمع المدني و أهمية هذا الدور ؟ .
في ظل عولمة عاتية وحداثة وما بعد حداثة لابد للدول من استنهاض جميع قواها الرسمية و المجتمعية ليكون لديها القدرة على الحضور و المشاركة الفاعلة في عالم صار قرية صغيرة تحركها أصابع عبر جهاز صغير في يد إنسان .
تعرضت مصر ومازالت لهجمات فكرية شرسة من الظلاميين و التكفيريين و غيرهم ولعل ما نحن فيه الآن من حرب شرسة تخوضها الدولة حفظها الله على الإرهاب هو نتاج فشل ذريع لمؤسسات الثقافة الرسمية من ثقافة و إعلام فلو اضطلعت هذه المؤسسات بدورها و نشرت ثقافة فاعلة تعلي قيم العدل و المحبة و المساواة و التسامح و الفكر المستنير ما كان للظلاميين مكان بيننا لكن الدولة حين أوسدت الأمر لغير أهله من الفاشلين و المترهلين و أهل الثقة لا أهل الخبرة وأقصت ذوي الفكر المنفتح على كل الثقافات والمدركين لتاريخ مصر و حضارتها – أقول لو فعلت – ما وصلنا إلى ما نحن فيه من تخلف عن ركب الحضارة و يوما ما كنا سادات الفكر صرنا نتسوله ممن علمناهم يوما , كنا مراكز إشعاع و صرنا أطراف استهلاك , و كنا منارات فكرية ومدارس ثقافية وأمست ثقافتنا في خطر و نما الفكر المتطرف و توغل الجهل و انتشرت ثقافات دخيلة على مجتمع ظل صامدا لقرون في وجه كل التيارات التي تسعى لهدمنا وما ذلك إلا للفشل الكبير الذي يتحمل وزره كل مسؤول ثقافي أو إعلامي تبوأ موقعا في الخمسين عاما المنصرمة .
بالطبع لا يمكن إغفال دور هام قامت به تيارات ثقافية – في غالبها مجتمعية غير رسمية – في مقاومة قوى الجهل و الظلام و الإرهاب وتلك لو أنصفنا كانت حائط الصد الأول في مواجهات التيارات الدخيلة .
يبقى الحديث عن الصفاقة موجزا
من يرون أن مؤسسات المجتمع المدني لا قيمة لها ولا يجب أن يكون لها دور في تنمية الدولة رغم أن الدولة هي من صرحت لهم بهذا الدور فكأنهم ملكيون أكثر من الملك .
من يرون أنهم وحدهم من يملكون الحقيقة المطلقة و غيرهم على ضلال تام .
من يعتقدون أن دور مؤسسات المجتمع المدني إلغاء لدور المؤسسة الرسمية فليس من العقل أن تلغي مؤسسة خاصة الجهة الرسمية التي ترعاها و تحميها .
من يرون أن الكراسي تعطي قيمة وينسون أن من يجلسون عليها هم من يمنحونها القيمة و ينسون أيضا أنها زائلة و لا تدوم لأحد .
من يرون أن العطاء مرتبط بمصلحة أو هدف شخصي ولم يعتادوا العطاء لوجه الله والوطن .
من يكذبون و يصدقون كذبهم ولا يرون البطحات على رؤوسهم و يتهمون غيرهم بلا سند أو دليل اللهم وهمهم وزيفهم وترهاتهم ونفوسهم المريضة .

تبقى كلمة أخيرة : مصر العظيمة لن تعود لمكانتها الفكرية في ظل هؤلاء اللذين تسببوا فيما وصلت إليه فهم لن يكونوا الحل فيما أحدثوه من تخلف و جهل و ظلام .