نعم إلى هذه الدرجة ؛
يمكن أن تحملنا همسة حانية إلى الأفق، و نظرة مؤلمة مقصودة تفتك بما تبقى لنا من صبر على الحياة!
مؤلم أن تكون مستهدف بغرض الإيذاء؛ خاصة إذا لاقيت الإجماع على مثل هذا التصرف من أشخاص عدة ، و كأن الملكوت إتحد ضدك ، و كأنك الأزمة الوحيدة التي تؤرق العالم، فأنت مصدر العواصف الحقيرة المتربة، و انسداد بالوعات الصرف الصحيّ، و انقطاع الكهرباء، و الإحتباس الحراري، و أنت البركان المزعج الذي يشاكس أعماق المحيطات الضعيفة، أنت من هدد السناجب و قتل التماسيح التي حكمت الأمازون ألف عام. كل غضب العالم تستحقه
شششش
كانت دعابة ..

أنت فرد واحد، لا تهم أحد غيرك، العالم لا يعنيك و أنت لا تعني أي شيء لأحد، لكن.. لا زالت كلمة تُقال بصوت هامس تمنحك اليقين أو اللعنة ، و نظرة مؤلمة مقصودة ستجعلك تشعر أن العالم بأسره ضدك!!
فمن يُطلق سراح فكرة ، عليه أن يتحمل تبعاتها ، فإما أن تتحول لكلبٍ وفيّ يقف في وجه من يعاندك و يعاديك أو كلب لا يعرفك إلا وقت الجوع فتتحول أنت للوفيّ الذي عليه أن يطيع صاحبه و يُلبي رغباته ، فليست كل الأفكار عظيمة في الوفاء مثل الكلاب، و ليست شيمة أبناء الذئاب الطاعة حسبما نظن بكل شجاعة و ثبات يجب أن تعرف في وجه من تتحدث عن أفكارك بصوتٍ عالٍ، وُكن واثقًا أنه لا أحد يتحمس لخصال كلبك الطيبة غيرك، فأنت فقط الذي تُجالسه لتهتم بتدريبه و الترفيه عنه في ساعات وحدته الحزينة.
بكل ثبات يجب أن تعلم أن كلبك المطيع قد يعاني نوبات الغباء لأنك للأسف اخترت هذا اليوم لتجرب معه طعامًا جديدًا وقت الغذاء فاحتقنت معدته ، و ربما بدأ العرض بالتقيؤ بدلا من الرقص على قوائمه الخلفية.
كلبك المطيع له عمر محدود ، فادرس جيدا أي أنواع الكلاب يناسبك للاقتناء والتربية قبل الترويج له ، و لا تنس.. لا تنس أبدا أن الآخرين يميلون لتبني أنواع أخرى من الكلاب حسب أمزجتهم، و ..
يمكن ألا يحب الآخرين الكلاب بوجه عام ، ليس لأنها حيواناتك -أنت- بالطبع لا ، الأمر يتعلق بالأكيد بالميل الشخصي فلا تفرض ذوقك على الآخرين.
أخيرا، أنت منوط بحماية كلبك ، فلا تتوقع أن يكون بأمان وسط عالم من البشر ، أو كلاب الأخرين قبل بدء العرض ، فالكلب مُجرد فكرة، وما الفكرة إلا كلب!
أنا كلب
لم أقصد أن أخيفك فى البداية، دعتني دماؤك الشهية لأسكر ، إقتربت لأرتشف رشفة من نبيذ الدم. و أُمه تعلم أنني أشُمُ من يخشاني، و لسعة الألم الأولى ليست من أثر العضّة ، بل لحظة تجسَّد الخوف بين نابين ، فمنحته خوفاً مُجسماً. هذا الطفل
أنا طفل
أفلتت قبضة أُمي لأربت رأس كلب الشارع ، فنهش وجهي.

أنا حسرة
سقطت على وجه الأثم الملُومِ بالتفريط فى أمان إبنها بعد عضة كلب مميتة بدأت بطريقها لأنفه ثم امتدت إلى رقبته.
أنا نافورة الدم الساخن
صعدت كإعصار من بطن كلب الشارع بعد اخترقتها رصاصة حارس البناية تحت الإنشاء ، و من عنق الصبيّ الذى أفلت قبضة أُم لا يخيب ظنها فتحسبت غدر كلاب الشارع ، لكن الشارع لا يمنح الحظ الحسن للمارين دون موعد.

أنا السيارة المُسرعة
التي كسرت ساق الأُم و هى تقبض على حبال الأمل الضعيفة بين ساعديها لتلحق بعربة على الطريق تُقِلها إلى مشفى.

أنا الطبيب
الذي طأطأ رأسه فى عرضٍ مُكرر “مات الطفل”  “أشعر بالأسف والأسى”

أنا صرخة
الأم بالحزن ، و صرخة الطفل بالخوف ، و صرخة الكلب بانتصار زائف فهو يعرف أن مصائر كلاب الشارع ليست إلا موت.

أنا الموت
مصير العدم، صدى صوت مصيره قبر من هواء
أنا
العظمة المكسورة ، أنا الأسنان ، أنا الإنسان ، أنا من شَهِدَ صرخة كلب الشارع فى مصير آخر ، مارأ فوق أسفلت الطريق فطحنته ، و عجنته ، و بددت صبره على الألم سيارة مُسرعة ، فابتهل بالنباح ، صرخة فوق صرخة ، دون دمع ، يسأل الأعالي الموت
أنا الله
الرحيم ، أرسل الموت الرحيم ، لأرحم من يسألونني الموت ، ووعدي سأرحمكم و لو بعد حين

يا معشر الكلاب،
الولاء لمن يأتيكم بالطعام ، ولا تمنحوا ثقتكم إلا لمن يدعوكم سيدكم للثقة به ..
تلك نعمة كبيرة لهم أن نُخلص لهم ، ولعنة كبيرة لو لم تعرفوا لمن تكونوا أوفياء !
“فالكلاب سهل جدًا أن تُقنعها بشيء” .. هكذا يقولون عنَّا!!
فالكلب منَّا حين يشعُرُ بالجوع والعطش ويجيئ الشُرطي فيُربت ظهره ، ويلقمه خُبزًا جافًا ، فيستقر بعدها العهد في قلب الكلب بأن “يموت دون هذا الرجُل” .. الأمر نفسه لو كانت البداية مع امرأة عجوز؛
استيقظت باكرًا أكثر من المُعتاد لترمي كيس القمامة وجاء كلبٌ جائع، فنادته وأطعمته، وسكبت له بعض الماء في أحد العُلب التي لا يُمكن إعادة استعمالها، لكنها لا زالت تخضع للتدوير بتحويلها إناءً لسقاية كلب الشارع.