كتب / سعيد شحاتة

إنّا لله وإنّا إليه راجعون
فقدت مصر اليوم شاعرًا كبيرًا اسمه عبدالناصر علام…
يا شباب مصر هل تعرفون عبدالناصر علام؟
بالتأكيد لا.. لأنه كان رجلا يعتز بشاعريته.. عبدالناصر كان من المهمومين بكم وبأوجاعكم على عكس من تقرأون لهم في هذا الفراغ الوهمي.. كان لديه كرامة يباهي بها وكان لديه مشروع شعري يقاتل من أجله ويقبض عليه جيدًا ولكننا في بلد القابض على مصداقيته كالقابض على الجمر…
يا شباب مصر هل اطلعتم على حقيقتكم؟
بالتأكيد لا… لأنّكم لم تعرفوا أبناء هذه الأرض، لم تلمسوا ترابها بأصابعكم، لم تستوعبوها وتقرأوا تفاصيلها مثلما تفعلون مع الكذبة وبائعي الوهم والإمّعات والممحونين وسارقي الأشعار ومتسلقي حدائق الأدب وقتلة الحقيقيين..
يا شباب مصر هل ستقرأون عبدالناصر علام وجيله؟
أرجو من الدولة أن تتيح لشباب مصر هذا الأمر بتقديم أعمال هذا الجيل الذي اغتاله الظلم والكراسي الفخمة والأسماء التي تم الاستعانة بها في مؤسسات المثقفين على الرغم من أننا لا نعرفها ولا نسمع عنها ولا نعنيهم ولا نهتم بوجودهم أساسًا، الجيل الذي اغتالته تكييفات السادة والستائر السميكة لمكاتب المسئولين ذوي القلوب السميكة ومديرو مكاتب المسئولين الذين لا يفقهون إلا عاش السيد، ومات السيد.. الجيل الذي اغتاله الصمت والإنكار والتعامي والتخلّي، الجيل الذي اغتاله تجار الخردة الذين جلسوا على صدر الثقافة فقتلوا ونهبوا وسرقوا وتجاهلوا…
يا شباب مصر… اطلبوا لعبدالناصر ومن هم على شاكلته الرحمة لأنهم بحثوا لكم عنها في أشعارهم ونسوا أنفسهم فماتوا نتيجة إهمال الجميع بعد أن هّمشوا واضطهدوا وعانوا الأمرّين من لامبالاة وإنكار وجحود وقلّة أدب مارسها تجاههم كل الجهلة والمرتزقة وقتلة الأنبياء في كل العصور..
يا مثقفي مصر…هل حصل عبدالناصر علام على جائزة الدولة؟
بالتأكيد لا.. لأنه كطاهر البرنبالي وغيرهم ليسوا من أعضاء اللجنة أو من أصحاب النفوذ ولا يملك ظهرًا قويًّا يساعده في الحصول عليها ولم يصبه الرضا السامي الذي لم يسع إليه مطلقًا
يا مثقفي مصر… ماذا أخذ عبدالناصر علام بعد كل هذا العناء؟
أخذه الموت بعد أن تُرك في مستشفى سوهاج وسط تنديد وعديد ووعيد وبارفانات الأسياد الغالية والكذب الذي لا ينتهي وتليفونات كل وعودها وهمية (شغل تيكاواي.. نظام اضحك عليهم وبيّض وشّك وكُلْهم بكلمتين.. شغل سوق سمك مش شغل ثقافة)
عبدالناصر علام صرف من جيبه عامًا كاملا أو ما يزيد دون أن يَشعر أحد منكم بمرضه ولم يعلن أصدقاؤه عن هذا إلا بعد أن أصبح في أمس الحاجة لذلك.. هذا النبيل تعفف في الوقت الذي يعالج الكبار فيه زوجاتهم من أدوار الإنفلونزا على نفقة الدولة ليس لأنهن صاحبات مشاريع مهمة ولكن لأنهن زوجات الكبار، أما عبدالناصر علام وطاهر البرنبالي ومجدي عبدالرحيم وقبلهم شريف رزق وعفيفي مطر وغيرهم الكثير فمن السهل أن يموتوا بهدوء في مستشفيات درجة خمسين ليرتاح المسئولون على مقاعدهم بعد أن يساعدوا الكبار في علاج نسائهم خارج حدود البلاد من أدوار الإنفلونزا على حساب الفقراء ويتركوا من لا يملك إلا الكلمة يبحث عن الموت داخل أروقة مستشفيات الموت..
رحم الله عبدالناصر علام ورحم الله مصر