كتب / محمد السيد إبراهيم

(كريستينا أوناسيس) (باليونانية:Χριστίνα Ωνάση) ابنة الملياردير (أرسطو أوناسيس) ، وُلدت في مدينة نيويورك ومات أخوها (ألكسندر) في حادث طائرة عام 1973 ، وانتحرت أمها عام 1974 ، بدأت صحة والدها بالتدهور بعد مقتل أخيها ومات عام 1975 ، تولت بعدها (كريستينا) قيادة إمبراطورية النقل البحري التي أسسها والدها وتمكنت من إدارة العمل بشكل جيد .

عانت (كريستينا) من أربع زيجات فاشلة انتهت جميعها بالطلاق , ومن الأسرار التي تم كشفها أنها عاشت معاناة أخري في متابعة وزنها والحفاظ عليه بالإضافة إلي فضيحة خيانة والدها لوالدتها مع مطربة الأوبرا (ماريا كالاس) ، والتي أدت إلي شعورها بالحرج طوال حياتها القصيرة بسبب ما ذكر في الصحافة والإعلام في ذلك الوقت , ثم طلاق والديها عام 1959 ، ويُذكر أن (كريستينا) لم تكن سعيدة بزواج والدها من (جاكلين كينيدي) السيدة الأولي السابقة للولايات المتحدة عام 1968 وكانت تعتقد أن (جاكلين ) كانت تبحث عن الأموال فقط عندما تزوجت أباها ، ووصفتها بأنها هوس والدها البائس ، وكانت ( كريستينا) قد بدأت حياتها المهنية في العشرين عندما عملت سكرتيرة في أحد مكاتب والدها في نيويورك ، وتعلمت هناك الأعمال التجارية والمالية .

وذكر بعض الأصدقاء أن (أرسطو أوناسيس) والد (كريستينا) كان يمنح أصدقاءها المالَ شهريًّا لقضاء وقت مع ابنته ، وضمان عدم انشغالهم عنها ، فقد عاشت الحياة المترفة ؛ حيث كانت ترسل طائرة خاصة لنقل مشروب الصودا الدايت لها في أمريكا , وذات مرة أرسلت طائرة هيلكوبتر من النمسا إلي سويسرا لجلب شريط كاسيت للمغني دافيد بويي كانت قد نسيته هناك .

وأوضح (بيتر ايفانز) مؤرخ وكاتب قصة حياة والدها أن (كريستينا) كانت تحب ارتداء الألماس والجواهر ، وهي تتناول طعام الإفطار ، وقد تزوجت من أحد الشيوعيين وذهبت لتعيش معه في أحد أحياء موسكو ، وحيث إن النظام الماركسي لا يسمح بمنزل كبير وخادمة ، عاشت (كريستينا) في بيت صغير وبسيط تخدم نفسها وزوجها بنفسها ، وعندما كانت تُسأل كيف تلتقي قمة الرأسمالية مع قمة الشيوعية ؟! … كانت ترد بأنها تبحث عن السعادة ، إلا أنها فشلت في هذا الزواج ، ورابع زيجة لها كانت من الفرنسي (تيري روسيل) وريث إحدي شركات الأدوية ، والتي أسفرت عن ابنتها الوحيدة (أثينا) ، لكن سرعان ما انتهت بالطلاق بسبب خيانة زوجها ؛ مما أدي إلى لجوئها للمخدرات والطعام لمعالجة شعورها بالخيانة ، وعندما قررت أن تبدأ حياة جديدة هي وابنتها مع بعض أصدقائها في الأرجنتين , توفت في ظروف غامضة لكن تم اكتشاف أن سبب الوفاة هو توقف قلبها بتأثير تناول الجرعات الزائدة من المخدرات.

هنا تنتهي قصة (الوريثة الذهبية) : كريستينا أوناسيس ، كُلٌّ يبحث عن السعادة ، منهم من يراها في الذات الحسيّة ، والبعض يراها في التفكير والوعي العقليّ ، ومنهم من يجدها في الحس والفكر معًا ، لكننا في النهاية نبحث عن السعادة ، فإن لم نجدها ، فقد يصابُ البعضُ بالاكتئاب الذي يؤدي بدوره إلى الانتحار ، كما قرأنا في قصص من سبق نشرهم حياتهم .

يرى (أرسطو) أنَّ السعادة ترتبط بتحقيق الخير، حيثُ تتحدد باللذة ، وهي الفضيلة التي تقود الفرد إلى السَّعادة بقوًى إراديّة من خلال اتباع الاختيار الذي يدفعه إلى التأمل، وأكد (أرسطو) أن السعادة الحقيقية تتحول إلى العشق الميتافيزيقي وإلى السعادة الفكريّة والروحيّة .

ويرى (الفارابي) أنّ السعادة في الوعي الفكريّ العميق للأشياء ، مما يعني هذا أنّ السعادة ممارسة للتفكير والتأمل ، و قوة التمييز بين الصواب والخطأ .

أما السعادة عند (ابن مسكويه) فهي جسميّة ونفسيّة في الوقت نفسه ، لأن الطبيعة الإنسانيّة ذات نفسيّة تعكس الفضيلة والروحانيّة ، فالسعادة الدنيويّة ،في نظره، ناقصة ؛ لانطلاقها من عالم الحِس ، فلا بد من تعرض صاحبها للألم والحسرات .

وأختصر مفهوم السعادة في كتاب الله وسنَّة رسوله ،صلى الله عليه وسلم، حيث جاء في كتابه العزيز :”

﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ»