محمد قادوس
قال الكاتب الصحفى أحمد الجار الله – رئيس تحرير جريدة السياسة الكويتية – في رسالة وجهها إلى عبدالفتاح السيسي، الفائز بانتخابات الرئاسة، وفق المؤشرات الأولية، بعدد الجريدة الصادر صباح اليوم الأحد: إن مصر طوت صفحة القلق وبدأت مرحلة العمل فحذارِ أن ترتعش يدك عند توقيع قوانين الاستثمار 97 في المئة من الشعب اختاروك لتقوده إلى المستقبل وبناء الدولة المعاصرة القوية ولإعادة ثقة العالم بها العزيمة التي توافرت في 30 يونيو لإنقاذ مصر من براثن عصابة “الإخوان”.
وأضاف الجارالله في في صدر الصفحة الأولى للجريدة على مساحة نصف صفحة تقريبا: “يجب ألا تهن مصر يمكنها أن تصبح مركزاً تجارياً وصناعياً وسياحياً وزراعياً كبيراً وأن تنافس النمور الآسيوية.
وتابع في رسالته للسيسي: طوت مصر صفحة القلق على المستقبل بانتخاباتها الرئاسية المعبرة عن طموحات شعبها، واختارت زعامة تاريخية وليس رئيسا فقط، ولهذا الزعيم نقول: مرحبا بك في قصر الاتحادية الذي لم تسع إليه طمعا في سلطة أو منصب، إنما لاستكمال مشروع إنقاذ البلاد الذي بدأ في 30 يونيو عام 2013.
وقال: سيادة الرئيس المشير عبدالفتاح السيسي.. نحن نعرف أنك لم تقرر خوض غمار الانتخابات إلا بعد دراسة وافية، استمزجت فيها آراء العديد من النخبة المصرية ودول الخليج ودول عربية وغير عربية يهمها استقرار مصر، وتنظر إليها سندا ومصدر عزيمة وقوة. نعرف أيضاً أنك كنت تتهيب كرسي الزعامة هذا لكن شعبك اختارك له، وكنت تشعر بالقلق من أن تكون قدراتك أقل من أحلام المصريين، لكن اطمئن، فكل هذا صار وراءك لأن الجواب أتى من صناديق الاقتراع، ليس تأييدا لشخصك، إنما لتاريخك وتعهداتك للملايين الذين طالبتهم بأن يكونوا على استعداد لتحمل مشقة البناء وإعادة الإعمار وتطوير مصر، وهاهم يقولون إنهم أهل لهذا التحدي. 25 مليون مصري أوقدوا شعلة الأمل التي تحتاج إلى كبير يسهر على شعلتها ويوجهها الوجهة الصحيحة، ألستم من يقول “اللي ما له كبير يشتري كبير؟”.
وتابع قائلا: هاهو الشعب المصري اختارك كبيره، لأنه اكتشف فيك هذا الكبر. لم يسبق في تاريخ مصر أن اختير رئيس بهذا الإجماع، فهناك 97 في المئة من المصريين انتخبوا مستقبلهم وبإشراف دولي، واليوم يوم آخر، بل زمن جديد، هو زمن العمل الذي لا شك سيحتاج إلى الكثير من الأموال، مليارات ومليارات، لكن العزيمة التي توافرت لإنقاذ هبة النيل من براثن عصابة “الإخوان” يجب ألا تهن في مرحلة البناء، بل مطلوب منها أن تشتد أكثر، لأن بلادكم بحاجة إلى استعادة الثقة الدولية بها، اقتصادا وسياحة وزراعة وصناعة، بحاجة إلى قوانين استثمار جديدة، وتطوير الموجود منها ليكون بمستوى التحدي الذي تواجهه الدولة من أعلى هرمها إلى قاعدته.
وأضاف: “سيادة الرئيس.. أنت الشخص الذي رأت فيه بلاد الفراعنة من يستحق قيادة سفينتها في هذه المرحلة، وأن يعيد إليها عزيمة تحدي الصعاب التي كانت لدى بناة الأهرام، أيضا كل المستثمرين في الداخل والخارج رأوا فيك هذا الربان، رغم أنك بحاجة إلى أصحاب رؤوس الأموال هؤلاء إلا أنهم يدركون مدى حرصك على إنجاز الأعمال بانضباط العسكري، وينظرون إلى مصر في عهدك كما هي حال الدول المتقدمة في عالم الاستثمار. في تلك الدول يستقبل المستثمرون بحفاوة، وتنجز معاملاتهم بسرعة، ولا يغرقون بفوضى البيروقراطية العربية، بل يفرش لهم السجاد الأحمر، ولك في دبي المثال على هذا التطور في جذبهم المستثمرين من الشرق والغرب، حيث جعلها حاكمها أنموذجا يحتذى به، مصداقا لتعهده أن تصبح في غضون سنوات قليلة قبلة الاستثمار وتوظيف الأموال، والمثال الذي يجب أن تكون عليه الدول العربية، ونحن هكذا نريد مصر الموعودة بعشرات المليارات للاستثمار”.
وقال: سيادة الرئيس.. دعنا نسميك كبير مصر. إن مجالات الاستثمار عديدة ومتنوعة في هذه الدولة الكبيرة، وأولها شعبها، وخصوصاً شبابها، نعم الاستثمار في هذه الطاقات ينتج قيمة مضافة إذا أحسن توظيف ذلك. لا شك أن في كل شعب من يرى الدنيا بنظارات سوداء، همُّه إثارة الإحباط في النفوس، مستخدما شتى الوسائل، إعلامية كانت أو سياسية، وما عليكم إلا صم آذانكم عن هوس الذين يحاولون اليوم رجم كل ما هو جميل في بلادكم، ونقصد “الإخوان”، فهؤلاء أصبحوا من الماضي، وكما في المثل العربي فإن “إكرام الميت دفنه” وقد دفنتهم مصر فلا تلق بالاً لجيفتهم السياسية، ولا تهدر جهدك بهم، إنما يجب أن تعمل العقول القانونية على وضع التشريعات الجالبة الفائدة لهبة النيل. يا كبير مصر.. تذكر أن اقتصاد بلادك كان في يوم من الأيام من أقوى الاقتصادات في المنطقة وكيف كانت الدول تقترض منها، حتى حكومة بريطانيا العظمى استدانت من مصر، هذا الاقتصاد القوي.
وقال: “لسنا وحدنا من ننتظره، بل شعبكم الذي يذكر جيدا كيف كانت الوفرة تترجم غسلا لشوارع القاهرة بالصابون، كدليل حضارة ورقي، والذي يتوق إلى أن يعود ذلك الإزدهار. كل هذا لا يتحقق إلا إذا نفذت ما تعهدت به قبل ترشحك، ووضعت خطوطه العريضة بمساعدة البطانة الصالحة، من المصريين والعرب. نعم. مصر يمكنها أن تصبح مركزا تجاريا وصناعيا وسياحيا وزراعيا كبيرا، وأن تنافس كوريا الجنوبية واليابان والنمور الآسيوية، بهذا المجتمع الشاب والقوى العاملة الكبيرة، بل يمكنها أن تكون قبلة الأيدي العاملة العربية والمستثمرين، وهذا هو التحدي الحقيقي أمامكم، فلا تدع يدك ترتعش وأنت توقع القوانين الاستثمارية الجديدة، الواجب إقرانها بقضاء تجاري لا تخيفه الأرقام مهما كبرت، ويعمل بالنزاهة ذاتها التي قام عليها القضاء المصري صاحب التاريخ العريق، والمدرسة التي يتخرج فيها القانونيون العرب. هذا القضاء التجاري الموجود في كل الدول المتقدمة وحده يستطيع حماية المستثمرين ويخرجهم من دائرة الضغط السياسي الذي تنتجه التباينات بوجهات النظر بين الدول”.
وأنهى رسالته بالقول: “يا كبير مصر. وهي الكبيرة، ليس بالجغرافيا والتاريخ فقط، إنما بالطاقات الشابة المتحفزة للعمل، هذه الدولة حجر الزاوية في العالم العربي، لذلك الآمال معلقة عليك وعلى قيادتك للمرحلة المقبلة التي يجب أن تكون مرحلة استنهاض الهمم وشد العزائم من أجل إعادة مصر إلى سابق عهدها الاقتصادي وازدهارها وقوتها… فلا تخيبوا الآمال”.