قطار مصر لن يأتي على هذا المساء
لساعتين صاحبي تأخر اللقاء
ولا أريد أن يملني الرصيف
ولا فضاء شوقنا يجيد الاحتواء
ساعتان قد تذوب في الزحام ساعة
وفى عيون من أحب قد تفر ساعتان
وربما على غناء سيد الغناء
ينتهي الزمان
يبدأ العناق
ها زفة الضجيج يركن المسافرون في اضطرابها
حقائب الفراق
ويهربون من شقاوة الحنين
بالسجال والعراك
صاحبي
كأنني ومن أراه فوق مقعدي البعيد
جانبي أراك
كطائر تخثر المساء في فضاء روحه
وغام في رؤاه طالع الذي يراه
ودونما انتباه
شط بالحديث واستدار
قال وهو ينسج البكاء من قراره
وينسل الغناء
لا شوق للقاء
لا غير وحدتي أريد لا
ولا سوى لوحشتي أحن
أو ترى بأي طالع أتيت
مثل غيمة تحار في احتمالها الرياح
ويشتهي حليبها الهباء
لا شوق للقاء
وما رضيت من حبيبتي
بذلّة الهوان
– لا شيء حتى الآن
( قال بائع السواك والقرآن )
قلت كان لي في دورة الزمان
صاحبان
أزود ما استطعت عنهما
تعارك الحياة
وانتظار غيثها على غدائر الفصول
لم أرتكب سرا يودي إلى فضيحتي
وما أردت أن أكون فيهما
سوى كعابر سبيل
إذا أضله الحنين في مساء غربة
أو كبا منه الطريق في رحيله الطويل
لكنني رأيت شرفة الصباح في المدى
يطل صاحباي من عرائها على عرائي
يذكرون من مآثري وما أسرت فيهما
ويحفرون جلدي السويّ من ورائي
( استيقظ السكون وضج صوت صافرة )
صاح حامل الحقائب العجوز
– ذا قطار مناورة
– قال من أحبها مضت بلا وداع
لم تنتظر حلمي
وفي احتمال بعثنا
سائلتها
أهي ارتدت أم أسقط القناع ؟!
تزوجت بجارنا الغريب
وأظهرت لعتب عيني الاقتناع
* في هنيهة البكاء فض صمته الطويل
– قال لي بيت هناك على مفارق الوطن
من فوق غصة السنين قد تراه ولا يراك
– قلت لي بيت هناك
– قال صاحباي أرهقا الطريق ومثّلا بسمعتي
فصرت قاعا تحت قاع
– قلت من أحبها مضت بلا وداع
قال لي أراك
في مفاوز الغروب
تغتدي كغربتي
أو تحيك من دمائك النهار
– قلت سيدي وما علىّ
أنا لا يشق في الهزيمة لي غبار
ولا يقر في الشتات لي قرار
أنا سيد الأحزان فارس الانكسار
– قال صه
لا شيء كان ولم يعد
كل موتنا وشيك
فما لنا نزود عن حضور في الغياب بلا أبد
كان صوته القريب يبتعد
وفوق مقعدي البعيد لا أحد
غير وخزة تفيقني
وصيحة القطار
ساعتان صاحبي
وفوق مقعدي نسيت نصف ذاكرة
ودفتر الأشعار
_______________

محمد جاد المولى