كتبت : إسراء فيصل مقابل

من المخيف حقا أن تنقد – وأنت لازلت شابا تخطو خطواتك الأولى في الأدب- روايات أديب نوبل نجيب محفوظ، ولكن الصادم أكثر أن تقول “أنا لا أحب روايات نجيب محفوظ وإن كانت تستميلني قصصه القصيرة بعض الشيء”. وعلي مدار سبع سنوات ماضية أتعامل فيهن مع الادب بشكل يكاد يكون احترافي من قراءة وكتابة ونقد وتنسيق فعاليات؛ كانت وجهة نظري السابقة هي الراسخة عن محفوظ وأدبه، إلى أن جاء وقت وقلت لنفسي لماذا لا أجرب أن اقرأه مرة أخرى بوعيّ ونضجي الحاليين؟ وكنت قد وضعت في خطة قراءتي  عملين – لم أستقر على اسميهما- لنجيب محفوظ، وبمحض صدفة وقعت أمامي رواية “الباقي من الزمن ساعة” فوجدتها صغيرة الحجم سلسة اللغة مما لن يرهقني في تناولها بسرعة قبل أن أترك مساحة للملل أو لآرائي القديمة لتتسلل إليّ أثناء القراءة، وقد كان،خلال سهرتين متتاليتين أجهزت عليها محاولة تناسي أن كاتبها حاز على نوبل مما يعني أن كتاباته مدرسة يجب أن تحتذى بشكل ما.

تناقش الرواية مرحلة من تاريخ مصر الحديث وهي قبل قيام ثورة يوليو 52 حتي ما بعد حرب أكتوبر 73 من خلال أسرة من الطبقة المتوسطة. تستعرض عدة أزمات اجتماعية تمّر بها هذه الأسرة مع التركيز على آرائهم السياسية، أو بشكل أدق استعراض الأحداث السياسية من خلال آراء أفراد الأسرة وتوجهاتهم. شخصيات الرواية الرئيسية كانوا أب وأم -هي عمود الرواية- وثلاثة أبناء وأزواجهموخمسة أحفاد، في بداية الرواية يكون جلّ التركيز على الشخصيات وسماتهم وشكل الحياة داخل منزلهم وأزماتهم الاجتماعية، حتي ننتقل إلى جيل الابناء فتقلّ السمات الشخصية وتقلّ الأحداث الاجتماعية وتبدأ الرواية تتخذ منحى تاريخي سياسي، حتي نصل إلى جيل الأحفاد فتصبح موغلة في الأحداث السياسية بسرد أدق تفاصيلها ويمر مرور الكرام على أحداث شخصياتها الاجتماعية من خلال ومضات سريعة دون أن نلمس بشكل حقيقي دواخل الشخصيات وكوامن نفوسهم وأثر التغيير السياسي والاقتصادي والاجتماعي على شخصياتهم، فمثلا نجد من شخصيات جيل الابناء محمد prednisone tablets online prednisone injection cost buy prednisone الذي تم اعتقاله قبل نكسة يونيو 67 لمدة عامين وخرج من المعتقل فاقدا عينا وقدما، لم نرَ لذلك أي أثرا على شخصيته وتكوينه، لم نرَ صراعا سوى في سطر وحيد أن ذلك زاده عنادا وتمسكا بتياره “الاخوان المسلمون” ولكننا لم نره في منزله أو مع ابناءه أو مع زوجته أو في عمله وكيف أثرت عليه هذه الفترة أو هذه الواقعة مما جعلني نسيت عجزه تماما ولم ألحظه حتى ذكره مرة أخرى عند إصابة بن أخته وقت فقده كلتا قدميه في حرب 73، أو مثلا شخصية علي من جيل الأحفاد عندما فقد محبوبته العجوز وكانت جزئية ثرية مليئة بالتفاصيل ولكنها مرت دون اهتمام في رد مقتضب منه عند معرفته الخبر ولم نشاهد أثر ذلك عليه، وغير ذلك مع باقي الشخصيات في الرواية التي أجدها تعكس وقائع تاريخية مزينة ببعض الجوانب الانسانية.

 

أما عن العنوان “الباقي من الزمن ساعة” فحتي آخر كلمة في الرواية كنت أبحث عن هذه الساعة المتبقية ولم أجدها، وإن استنتجت أنها ردا على تساؤلاتي عما انتهت إليه الرواية، فالخادمة العجوز تقرأ فنجان الجدة\ السيدة\ عمود الرواية وتقول لها أن لازال امامها عدة عقبات يجب أن تتخطاها وكان ردها بالنظر إلى السماء، فهل الساعة الباقية قبل صعود روحها وانفراط عقد الأسرة واغتراب أفرادها، ويباع البيت الذي تمسكت به طوال الرواية –وقد يرمز به للوطن- ويقسّم ثمنه على الأفراد لتحقيق أحلامهم بملايين الانفتاح الاقتصادي؟ هل بحق هذه هي الساعة المقصودة؟ وهل البيت حقا رمز للوطن؟ ولماذا أُجْهَد في إشارات رمزية طالما النص في الأساس تاريخي ويتضح فيه أحداث بيع الوطن والتخلي عنه والتشظي بين ابناءه؟

الحق أقول، هذه الرواية لم تصلح ما بيني وبين أدب نجيب محفوظ بل زادت الفجوة ولكني لن أتوقف عن محاولة رصد أسباب نبوغه أو أسباب عدم ميلي لكتابته وإن كنت أفضل قصصه القصيرة أكثر.