حادثة التلغرام في كوريا الجنوبية

عوضًا عن التنمر الإلكتروني جاءت حادثة التلغرام في كوريا الجنوبية لتشير إلى خطورة عالمية أصبحنا بصددها ولا نزال لا نتدارك عواقبها، والتي لا تأتي في نطاق واحد بل تشمل كافة الجرائم البشعة التي لا يُمكن أن نتصور أنها تحدث في بادئها من عالم افتراضي، وفي الواقع العربي نذكر حادثة كان لها صدى واسع في كوريا الجنوبية.

حادثة التلغرام في كوريا الجنوبية

نعلمُ أن وسائل التواصل الاجتماعي جاءت لتعزز من مستوى الجريمة وسهولة ارتكابها، علاوة على أن الجرائم باتت ترتكب بأنماط مختلفة لم نكن لنعلمها من قبل، أما عن كوريا الجنوبية وهي من أكثر الدول التي يرتفع بها معدل الجرائم والانتحار وما إلى ذلك من مشكلات اجتماعية خطيرة.. فإنها شهدت حادثة ظهر فيها التأثير السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي بوضوح.

أما عن تلك الحادثة فهي قضية مجموعة الدردشة المشفرة.. إنها قضية جرائم إلكترونية جنسية، كانت تحدث في كوريا الجنوبية على موقع التواصل الاجتماعي “تلجرام” واستمرت سنتين، من 2018 وحتى 2020، والغريب في الأمر أنها ضمت ما يقرب من عشرة آلاف مشترك، من بينهم مشاهير ورياضيين ومدراء ورواد أعمال وأساتذة جامعة!

يدفعون مبالغ طائلة من أجل إخفاء النشاطات الجنسية في محتواهم، حتى لا يتم الكشف عن هويتهم، على أن تلك المبالغ تُدفع بالعملات الرقمية المشفرة، الأمر الذي ساعد على إخفاء هوياتهم تمامًا.

اقرأ أيضًا: حادثة المصعد في كوريا الجنوبية

المتهم في قضية مجموعات الدردشة المشفرة

كان المتهم الرئيسي التي توجهت أمامه كافة الادعاءات، هو رجل كوري يُدعى “تشو جو بين” وهو الذي يبلغ من العمر 27 عام، مواليد 1995، وهو المعروف بكُنية “باكسا”، وهي بالكورية تعني الطبيب أو الدكتور، صاحب قروب الدردشة الجماعي على التلجرام، وهو من كان يُغري مستخدمي التلجرام للاشتراك في قروبه المدفوع من خلال دفع مبالغ مالية طائلة.

يُذكر عن المتهم أنه قام بتهديد ما يقرب من 74 امرأة وفتاة في عمر العشرينات، لتصوير فيديوهات إباحية بشكل غير قانونية وإرسالها على قروبه على تطبيق التلجرام.

كما أنه المحترف الحقير.. الذي قسم قروبه إلى 3 مستويات وفقًا للعائد، فالمستوى الأعلى هو ما يحتوي على فيديوهات جنسية للمشهورات، لا للعامة.. على أنه يكون بمقابل مادي 105 مليون وون، أي ما يعادل 1200 دولار أمريكي، وبالنظر إلى تلك المبالغ فإنه ليس بشيء عُجاب أن نقول إن أكثر متابعينه كانوا من أعلى الطبقات.

فكان يشير إلى أنه تمكن من اختراق هواتف المشهورات، وكان ينعت كلًا منهن بـ “العبدة”، وعلى الدوام يقدم عروض لمستخدمي قروبه على التلجرام حتى يشتركوا في تلك المستويات الأعلى جراء مقابل مادي أعلى.

بعد اكتشاف الأمر، تمت إحالة المتهم إلى المحكمة بتهمة توزيع المواد للاستغلال الجنسي بغرض تحقيق الربح عبر الإنترنت، وابتزاز النساء لاسيما القاصرات منهمّ وإجبارهنّ على القيام بأعمال جنسية بالغة العنف لغرض بيع المحتوى في غرف التلجرام.

علاوة على القيام بمصادرة أملاكه التي تأتي من بينها 15 عملة مشفرة، إلى جانب الأسهم والودائع الأخرى، و130 مليون وون نقدًا.. هذا وقد تلقى 15 مليون وون من صحفي مقابل وعود زائفة بإعطائه بعض المعلومات الشخصية الهامة عبر جهاز USB.

اقرأ أيضًا: حادثة التنمر في كوريا الجنوبية

ضحايا حادث التلجرام

ذكرنا أن تلك القضية أتت من قبيل الانتهاكات الجنسية في المجتمع الكوري، فكان ضحاياها من طالبات المرحلة الدراسية المتوسطة، فتيات كوريات منهنّ من تعرضن رغم عنهن للأمر، وأخريات بإرادتهن الحرة، الأمر لم يكن فقط مخالفًا للأخلاقيات والقوانين، إنما تعدى ذلك ليصبح من قبيل الشذوذ والتطرف الجنسي.

فكانت الفيديوهات المنشورة منها ما يتعلق باغتصاب فتاة قاصر من مجموعة رجال بالغين، وآخر يعرض فتيات عراة يقمن بأفعال غريبة أو يتظاهرن بالصرع.. ولم تخلُ تلك الفيديوهات من بعض الممارسات التعذيبية.

هذا فضلًا عن ذكره لأسماء مشهورات متزوجات في العقد الثالث والرابع من أعمارهنّ، وكان ينعتهنّ بعبداته، علاوة على نشر صور لهنّ والادلاء بمعلومات شخصية عنهنّ.

اقرأ أيضًا: قتلة متسلسلين لم يتم الإمساك بهم

جرائم الغرفة التاسعة في كوريا الجنوبية

اقترن ذلك الاسم بحادثة التلغرام في كوريا الجنوبية بوصفه للجرائم الجنسية البشعة عن طريق الإنترنت، نظرًا لوجود قضية أخرى تسببت في الذعر والرعب للكثيرين لاسيما النساء، لرجل كوري يُدعى “تشوي شين جونع” وهو الجاني، الذي كان يتعرف على ضحايا في بداية إيقاعه بهنّ من خلال تطبيق للدردشة، ومن ثم يقوم بمخططاته الشيطانية تباعًا.

بدءًا من مقابلتهنّ والتقرب منهنّ، ثم اغتصابهنّ بوحشية وقتلهنّ.. الأمر الذي استتبع حالات اختفاء عديدة في المجتمع الكوري، وكان من أشهر ضحاياه شابة تبلغ من العمر 34 عام، والتي تم العثور على جثتها بالقرب من شمال جولا، والضحية الأخرى التي تبلغ من العمر 29 عام، ووجدت الشرطة جثتها الهامدة بالقرب من شمال جيونجو.

منذ ذلك الحين، وبعد حادثة التلغرام في كوريا الجنوبية قد ارتبط لقب الغرفة التاسعة في نظر العناصر الأمنية لمكافحة الجرائم بكافة الجرائم الإلكترونية الجنسية التي تحدث في كوريا الجنوبية.

لا ترتبط المكانات الاجتماعية بالأخلاق بأي حال، فها نحن وجدنا انحدارًا في سلوكيات زمرة من الشخصيات المرموقة في المجتمع الكوري، لتكون الصورة أمامنا غير مبشرة على الإطلاق.