حادثة التنمر في كوريا الجنوبية

تفاصيل حادثة التنمر في كوريا الجنوبية تنم عن الجانب المظلم فيها، ربما يعتقد البعض أن الدول الأكثر رواجًا من الناحية الاقتصادية في خُطى واضح نحو التنمية أنها في منأى عن الضغوطات الاجتماعية والمشكلات الأكثر إفسادًا للمجتمع.. فإن علمت عزيزي القارئ أن التنمر في كوريا الجنوبية لا يتوقف إلا بانتحار الضحايا فهذا ليس بشيء عُجاب! هذا ما بوسعنا أن نوافيك بذكره في الواقع العربي.

حادثة التنمر في كوريا الجنوبية

إن نسب الانتحار في كوريا الجنوبية –وهي واحدة من الدول المتقدمة- هي الأعلى على مستوى العالم، هذا ما جعل البعض يتطرق إلى تفنيد الأسباب مدعاة الانتحار لاسيما من قبل المشاهير، فوجدوا أن الانتحار يقبع عند من يتعرضون إلى الإهانات على الإنترنت، فيما ننعته بالتنمر الإلكتروني، الأمر الذي يدفعهم إلى ذلك الفعل الشنيع في أنفسهم، في ظل إفلات مُرتكبي التنمر من العقاب.

كثرت حوادث التنمر في كوريا الجنوبية، وزادت عن الحد الذي أظهر جانبها المظلم القاسي، حيث تسبب التنمر في كثرة عدد الوفيات من المشاهير وأناس آخرين تدمرت حياتهم إثر ممارسة التمييز ضدهم.

نعم، إنه التمييز العنصري الشائع في الدول الآسيوية القائم على أساس الجنس، هذا علاوة على المنتديات الإلكترونية التي لا زالت تحمل عداء صريح تجاه المرأة.. وفيما يلي نذكر أكثر حوادث التنمر الشائعة في كوريا الجنوبية:

  • تهديدات بالقتل تراود الناشطة “كيم جو” على منصة التواصل الاجتماعي اليوتيوب
  • تعرض لاعب كرة القدم الكوري “كيم إن هيوك” إلى السخرية من تعليقات عدائية وشائعات على مواقع الإنترنت، الأمر الذي أودى به إلى الانتحار.
  • تعرض الناشطة “بي جاي جامي” إلى المضايقات لسنوات هي ووالدتها، وما كان لهما إلا الانتحار تباعًا.

يشعر أولئك أنه لا مكان لهم إلا الهروب من الحياة بأسرها، فالمجتمع لا يقبل وجودهم فيه، ولا مناصرة لهم من أحد، فمن يتعرض إلى التنمر يشعر وكأن الجميع قد تخلى عنه، فلا مناص من الانتحار وإنهاء حياته بيده.

اقرأ أيضًا: قتلة متسلسلين لم يتم الإمساك بهم

التنمر على فتاة كورية ذات الـ 14 عام

حادثة تنمر أخرى في كوريا الجنوبية لاقت ضجيجًا على مواقع التواصل الاجتماعي، تنم عن اعتداء عانت منه فتاة كورية إثر التنمر، ومن الجدير بالذكر أن كوريا تشتهر بالعنف المدرسي الذي يصل إلى حد هروب الطلاب من المدارس ولجوء بعضهم إلى الانتحار.

بما أن القانون الكوري يحمي القصر، فإنه لا يوجه عقوبة رادعة للفتيات المتنمرات على تلك الفتاة الضحية.. على الرغم من إثبات الحادثة بالأدلة التي أوضحت أنهنّ وجهنّ الإهانة إلى تلك الفتاة باستخدام العنف الجسدي وشظايا الزجاج والضرب بكرسي وأنبوب معدني وسجائر مشتعلة إلى حد إدماء جسدها وكنّ على وشك قتلها.

حينما تمت مشاركة تلك الصور والتسجيلات كان غضب المواطنين عارمًا ومنهم من وقع عرائض مطالبة بإلقاء العقوبة على الفتيات المتهمات بإرسالهن السجن.. ومنهم من قال إنهنّ يستحقن الموت، وآخرون أجزموا بأنهنّ يحتجن مساعدات نفسية!

هنا نسلط الضوء على حقيقة مؤسفة.. أن قانون الأحداث الكوري أصبح أكثر إثارة للجدل في ظل التنمر والعنف، حيث تتم حماية الجناة ذريعة أنهم قصَّر.

اقرأ أيضًا: أخطر السفاحين في العالم العربي

النسوية والانتحار في كوريا الجنوبية

مما ذكرناه أعلاه في بعض حوادث التنمر في كوريا الجنوبية أنها كانت إثر “النسوية التي تكره الرجال”، حيث إن الخبراء أكدوا أن حسابات اليوتيوب التي تعادي حركة النسوية هي الأكثر شهرة، ويتابعها مئات الآلاف، ويستفيد أصحاب تلك الحسابات من سيل الإهانات الملقاة على النساء الكوريات لاسيما الناشطات.. في ظل افتقار كوريا إلى قانون شامل مناهض لمحاولات التمييز.

حيث إن المشهورين على موقع التواصل الاجتماعي يوتيوب يجذبون الانتباه في حال نشرهم لبعض من مقاطع الفيديوهات التي يعادون فيها مناصري النسوية، من هنا نصل إلى نتيجة مفادها أن النساء هنّ الأكثر عرضة للتنمر في كوريا، لاسيما في ظل غياب القانون الكوري المناهض لمحاولات التمييز على أساس الجنس، فلا مجال لحماية ضحايا النساء إذًا.

فلم تكن تلك الاعتداءات السابقة محض صدفة، إنما هي وفق ترتيب محكم، ولم تكن عشوائية تمامًا، حيث إن النساء يتعرضن إلى التنمر والإساءات على الإنترنت منذ سنوات في كوريا الجنوبية، على سبيل المثال لا الحصر: حادثة التنمر المعروفة في كوريا 2008 التي شهدت انتحار الممثلة “تشوس جين سيل“، وكذلك المغنية سولي، ونجمة البوب الكوري “غو هارا“.

اقرأ أيضًا: قصة زودياك السفاح الحقيقية

إحصائيات الانتحار في كوريا الجنوبية

تواجه كوريا الجنوبية أزمة اجتماعية حادة، حيث إن الإحصائيات أشارت إلى أن ما يقرب من 42 كوري يقتل نفسه كل يوم، علاوة على أن نسب الوفيات الأعلى بين المواطنين من عمر 10 إلى 30 عام تعزو إلى سبب الانتحار.

على أن أسباب الانتحار ذاته أجملها البعض في أن المجتمع الكوري شديد التنافس، فهناك فئة الشباب ممن يتوقون إلى النجاح، وهناك فئات أكبر سنًا يعانون من تزايد الأعباء المالية، وبين هؤلاء وأولئك تأتي مشكلة التنمر الاجتماعية التي تظهر جليّة في الواقع الحقيقي أو الافتراضي.

حتى الأطفال في كوريا الجنوبية نالوا من تلك الضغوطات الاجتماعية نصيبًا، فقد أشارت الدراسات أنهم هم الأتعس مقارنة بأطفال الدول المتقدمة الأخرى، بسبب تعرضهم إلى الضغط الأكاديمي، والعنف بأنواعه ومساوئ الإنترنت والتي أهمها التنمر الإلكتروني.

في كوريا الجنوبية، صار الانتحار نتيجة حتمية طالما كان المتنمرين لا يُجازون بما يستحقون من العقاب.. وفقًا للعدالة والقانون.