رغم تحذيرات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أول أمس باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة ضد كل من يشكك في مصداقية عمل الهيئة أو في نتائج الانتخابات، إلا أن المرشح محمد المنصف المرزوقي ومدير حملته عدنان منصر
تماديا في اعتماد نفس الخطاب يوم أمس. وفي المقابل، رد عليه الأمين العام لحركة نداء تونس الطيب البكوش بشدة وهو ما يجعل الحملة الانتخابية في يومها الثالث تتميز بارتفاع حدة الخطاب السياسي.
بدا المرشح محمد المنصف المرزوقي يوم أمس يلتمس ود الجبهة الشعبية من أجل مساندته في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية خصوصا في ظل ندرة الأحزاب التي تسانده مقابل ارتفاع عدد الأحزاب التي تساند مرشح حركة نداء تونس الباجي قائد السبسي خلال زيارة أداها يوم أمس إلى ولاية باجة في إطار حملته الانتخابية. وانتقد خلالها موقف الجبهة الشعبية الأخير إزاء مساندة أحد المترشحين في الدور الثاني حيث اعتبر أن هذا الموقف يؤشر لقطع الطريق أمام نجاحه في الانتخابات الرئاسية بحجة أنه مرشح حركة النهضة ومن حلفائها. خصّص المرزوقي في ولاية باجة جزءا هاما من خطابه من أجل تحسيس أنصار الجبهة الشعبية بأنه صديق لهم، حيث قال أنه كان يعتقد أنه صديق للجبهة الشعبية مبينا أن وفاءه لمناضليها يتجلى في اقراره يوم 8 ماي يوما وطنيا لمناهضة التعذيب، وفاء لروح الشهيد اليساري نبيل بركاتي الذي توفي تحت التعذيب.
المرزوقي يتمادى في ترهيب الناخبين
ومن جهة أخرى، ورغم تحذيرات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أول أمس من مواصلة الخطاب المتشنج الداعي إلى العنف والكراهية، تمادى المرشح محمد المرزوقي في استعمال هذا الخطاب من خلال التحذير من خطر التصويت لفائدة منافسه في الدور الثاني الباجي قائد السبسي واصفا إياه بـ«العملية الانتحارية». وحذر المرزوقي من عودة التجمعيين بنية الانتقام من الثورة، مؤكدا أن زيارته إلى ولاية باجة تهدف إلى توعية أهاليها وإقناعهم بالعدول عن مساندة من يمثلون النظام السابق.
وفي نفس السياق أعاد المرزوقي نفس الخطـــاب الجهــوي المقســـم للشـعب التونسي شمالا وجنوبا حيث تغافل هذه المرة عن الوعود الانتخابية مبديا استغرابا من قيام أهالي الشمال بالتصويت بكثافة لفائدة حركة نداء تونس في الانتخابات التشريعية، ولفائدة منافسه في الدور الاول الباجي قائد السبسي، مشيرا إلى أنهم منحوا ثقتهم لمن جوعهم طيلة اكثر من خمسين سنة.
وبين أنه سيعمل على تحقيق التوازن السياسي وضمان الحركية الاقتصادية خاصة أن المستثمرين الاجانب بصدد انتظار استقرار المناخ الامني والسياسي للشروع في الاستثمار في تونس. كما تعهد بدعم التنمية في ولاية باجة في حالة فوزه في الانتخابات الرئاسية ومقاومة الفقر والظلم والتهميش بكافة انحاء البلاد، مشيرا إلى أن الخطر الأكبر حاليا يكمن في انتهاك التعايش السلمي في حالة انفراد حزب وحيد بالسلطة.
عدنان منصر يتحدى هيئة الانتخابات
تحدى مدير حملة المنصف المرزوقي ، عدنان منصر الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والتي كانت قد نبهت إلى خطورة التشكيك في مصداقية الانتخابات وفي عمل الهيئة وذلك بإحالة ملفات مرتكبي هذا النوع من الخطاب على أنظار النيابة العمومية، وذلك خلال ندوة صحفية عقدها صباح أمس لتوضيح كل ما شاع من سوء تصرف مرشحه أثناء فترة توليه رئاسة الجمهورية حيث اعتبر أنهم مستعدون للخضوع إلى تحقيق تقوده لجنة برلمانية للنظر في التصرف المالي لمؤسسة الرئاسة وذلك بمشاركة الهيئات الرقابية المالية الرسمية. واضاف ان كل ما قيل حول سوء التصرف المالي صلب مؤسسة رئاسة الجمهورية هو في الأصل مغالطات واشاعات يراد بها التشويش على الحملة الانتخابية.
كما واصل اعتماد نفس الخطاب المتشنج ، حيث اعتبر أن الحديث عن امكانية تزوير الانتخابات الرئاسية له اسباب واقعية معتبرا أن الأحكام الصادرة أثبتت محاولات التزوير في الدور الاول كما أن تاريخ منافس مرشحهم يجعل إمكانية التزوير واردة، داعيا الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الى توفير مناخ سليم لاجراء الانتخابات وغلق الأبواب امام كل تزييف. كما دعا «الهايكا» إلى وضع حد للتجاوزات التي تقوم بها بعض وسائل الاعلام في تغطيتها لنشاط الحملات الانتخابية. كما اعتبر عملية طرد المرشح المنصف المرزوقي من سليانة من تنفيذ أنصار المرشح الباجي قائد السبسي
البكوش: المرزوقي قادر على الهدم
ومن جهة أخرى، عقدت اللجنة الوطنية المساندة للباجي قائد السبسي ندوة صحفية يوم أمس من أجل إعلان دعمها لمرشحها. وتضم هذه اللجنة الجبهة الوطنية للانقاذ وحزب المسار الديمقراطي الاجتماعي وحزب الاتحاد الوطني الحر وآفاق تونس والمبادرة بالاضافة إلى مصطفى كمال النابلي وسمير العبدلي وبسمة الخلفاوي وعدنان الحاجي وعلي الشورابي وسالم الشايبي والطيب الهويدي.
كما نال المرشح محمد المنصف المرزوقي نصيبه من الانتقادات من قبل قياديي حركة نداء تونس، وهو ما يجعل الطرفين في تبادل مستمر للتهم، حيث اعتبر الأمين العام لحركة نداء تونس الطيب البكوش أن المرزوقي غير قادر على البناء وإنما قادر على الهدم من خلال شعاراته وتصريحاته التي تعمل على تقسيم التونسيين.
التصريح المقابل لتصريحات المرزوقي جاء من قيادات حركة نداء تونس وهو الأول منذ انطلاق الحملة الانتخابية للدور الثاني بعد البيان الذي دعوا فيه هيئة الانتخابات إلى اتخاذ الاجراءات اللازمة امام تصريحات المرزوقي.
واعتبر الباجي قائد السبسي أنه لم يعد مرشحا لحركة نداء تونس بل بات مرشحا لعدد كبير من الأحزاب السياسية، والتي اعتبرها سببا إضافيا للنجاح في الاستحقاق الانتخابي. وبين أن مصلحة البلاد تقتضي اليوم مزيد العمل المشترك بين كافة الأطياف السياسية والشخصيات الوطنية من أجل ايجاد الحلول اللازمة للوضع الصعب التي تعيشه البلاد. وأكد أن الحكومة القادمة لن تكون حكومة حزب واحد بل ستكون حكومة أكثر من حزب له قناعة ببرامج نداء تونس وأولويات المرحلة القادمة. كما أبرز حرصه الشديد على إرجاع سلطة القانون وضمان العدل وتوفير الأمن وضمان حقوق جميع التونسيين بالإضافة إلى العمل على تطوير الاستثمار وتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، مشيرا إلى أنه من الضروري أن يتم القطع مع الماضي من خلال الممارسات والسلوكيات وليس القطع مع الأشخاص منتقدا في ذلك التصريحات التي تعمل على تخويف التونسيين.
ومن جهته بين الأمين العام لحركة نداء تونس الطيب البكوش أن حزبه منفتح على كافة الاقتراحات التي تطرحها مختلف الأحزاب السياسية في البلاد ومنظمات المجتمع المدني، مؤكدا أن نداء تونس ليس بحزب متعصب لبرنامجه حيث أنه لن يحكم البلاد بمفرده خصوصا وأن المصلحة الوطنية تقتضي حكومة ائتلاف حكومة تحالف. واعتبر أيضا أنه في حالة عدم فوز قائد السبسي في الانتخابات الرئاسية سيصبح برنامج حركة نداء تونس «مهددا»، معربا عن أمله في أن يصبح مرشح نداء تونس مرشح الأغلبية الساحقة خصوصا وأن له تجربة على المدى الطويل لا تتوفر في غيره حيث أن بناء الدولة وإعادة ترميمها في المرحلة القادمة سيكونان من مسؤوليات رئيس الجمهورية القادم