اعلن حزب القوات اللبنانية رسميا ترشيح رئيسه سمير جعجع الى انتخابات الرئاسة في خطوة ستثير الكثير من الجدل في لبنان بسبب دور جعجع في الحرب الاهلية (1975-1990) وتصنيفه كاحد صقور التحالف المناهض لسوريا وحزب الله.

وبدأت المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد في 25 آذار/مارس وتنتهي في 25 ايار/مايو.

ودرجت العادة في انتخابات الرئاسة لا سيما منذ انتهاء الحرب الاهلية على “التوافق” على رئيس للجمهورية.

وتم انتخاب الرئيس الحالي ميشال سليمان القائد السابق للجيش بعد سبعة اشهر من فراغ كرسي الرئاسة بسبب ازمة سياسية حادة، على اساس انه “وسطي” يقف على مسافة متساوية من الاطراف اللبنانية المختلفة.

قبل ذلك، كان رئيس الجمهورية اجمالا يدور في فلك دمشق التي مارست لسنوات طويلة هيمنة واسعة على الحياة السياسية اللبنانية الى حين انسحاب جيشها من لبنان العام 2005، بضغط من الشارع والمجتمع الدولي، بعد ثلاثين سنة من التواجد.

ويعتبر جعجع من ابرز خصوم حزب الله القوة السياسية والعسكرية النافذة في لبنان. وحزب القوات اللبنانية هو الحزب الوحيد الذي رفض المشاركة في الحكومة التي شكلت اخيرا وضمت ممثلين عن كل الاطراف بمن فيهم اعضاء قوى 14 آذار التي ينتمي اليها جعجع، لرفضه الجلوس الى جانب حزب الله في حكومة واحدة، ما لم يعلن هذا الاخير استعداده للانسحاب من سوريا حيث يقاتل الى جانب القوات النظامية.

ويدعو جعجع بالحاح الى معالجة مسالة سلاح حزب الله الذي يفترض ان يكون في رأيه تحت اشراف القوى الشرعية.

وقال بيان تلاه نائب رئيس حزب القوات جورج عدوان بعد اجتماع للهيئة التنفيذية للحزب “حرصا على احترام القواعد الديموقراطية في المواجهة السياسية ولان احداث تغيير جذري في الواقع الراهن بات ضرورة ملحة للخروج من النفق واحداث صدمة ايجابية تستعيد معها الدولة هيبتها ورئاسة الجمهورية موقعها كضمانة للجميع وسد في وجه المخاطر التي تحيط بالوطن ووحدته (…) قررت الهيئة التنفيذية لحزب القوات اللبنانية بالاجماع ترشيح رئيس الحزب سمير جعجع الى انتخابات رئاسة الجمهورية”.

ولا ينص الدستور اللبناني على اي ترشيح مسبق الى رئاسة الجمهورية. وغالبا ما يعتبر الاعلام كل الزعماء الموارنة وهي الطائفة التي ينتمي اليها الرئيس في لبنان بموجب ميثاق وطني غير مكتوب منذ الاستقلال، مرشحين كلما لاحت بوادر معركة الرئاسة.
ونادرا ما يتخذ اي ترشيح رئاسي صفة رسمية، او يتم بهذه العلانية.

واعلن عدوان ان هناك “تواصلا مع قوى 14 آذار” من اجل تبني جعجع كمرشح وحيد لهذه القوى التي يعتبر الزعيم السني سعد الحريري ابرز اركانها.

ويتداول الاعلام باسماء شخصيات اخرى من قوى 14 آذار كمرشحين محتملين للرئاسة، وابرزها الرئيس السابق امين الجميل، والنائبان بطرس حرب وروبير غانم.

اما في الفريق المقابل، فيعتبر الزعيم المسيحي ميشال عون ابرز المرشحين الرئاسيين. وقد اعلن حليفه النائب سليمان فرنجية في احاديث صحافية امكان ترشحه ايضا.

ويتقاسم عون وجعجع الشريحة العظمى من الشارع المسيحي، وبين الفريقين خصومة تعود الى زمن الحرب الأهلية، حين دارت بين عون الذي كان قائدا للجيش، والقوات اللبنانية بزعامة جعجع، معارك مدمرة اوقعت آلاف القتلى.

وسجن جعجع لمدة احد عشر عاما بتهم تنفيذ حزبه اغتيالات طالت شخصيات سياسية خلال الحرب اللبنانية. وحصل ذلك خلال فترة الهيمنة السورية، وخرج بموجب عفو صدر عن مجلس النواب بعد انسحاب الجيش السوري. وجعجع هو “زعيم الحرب” الوحيد الذي دخل السجن، ويدرج ذلك اجمالا بسبب رفضه الانصياع للارادة السورية.

كما انه الوحيد ايضا بين زعماء الحرب السابقين (وابرزهم من الذين لا يزالون في واجهة العمل السياسي الزعيمان الدرزي وليد جنبلاط والشيعي نبيه بري)، الذي لم يتبوأ اي مركز سياسي بعد الحرب.

وينتخب البرلمان اللبناني المؤلف من 128 عضوا، رئيس الجمهورية. وهو منقسم بشكل شبه متواز بين فريقي حزب الله و14 آذار، مع كتلة مرجحة بزعامة جنبلاط الذي يصنف نفسه على انه وسطي، وقد رفض حتى الآن الادلاء بموقف علني من انتخابات الرئاسة.