شعر جاهلي عن الحب من طرف واحد

شعر جاهلي عن الحب من طرف واحد قد يجعل القلب يدمع من فرط المشاعر الحانية التي نجد المحب يتحدث بها، فالحب من طرف واحد أمر قد يتسبب في قتل الشخص وهو على قيد الحياة إن لم يشعر به الطرف الآخر ويبادله نفس المشاعر، لذا ومن خلال الواقع العربي سوف نتناول العديد من القصائد الشعرية التي قيلت في العصر الجاهلي عن الحب من طرف واحد.

شعر جاهلي عن الحب من طرف واحد

معنى أنك تحب من طرف واحد، فأنت تلقي بنفسك في تهلكة إن لم يشعر بك الطرف الآخر قبل فوات الأوان، لكن ما على القلب من سلطان، فعندما يقع الشخص في غرام قلب آخر، لا يملك سوى الانتظار وقلبه يئن من الألم، ويتمنى أن يشعر به الطرف الآخر ويرحم ضعف قلبه.

فأعتى الرجال وأقواهم كانوا يقعون في مأساة الحب من طرف واحد، منهم من حالفه الحظ، وتوجت تلك العلاقة باكتمال قصة الحب، كون الطرف الآخر بادله نفس الشعور أو كان بالفعل يحبه لكن كانت هناك الكثير من الحواجز التي تحول بينه وبين اعترافه للحبيب بما يكنه له.

منهم من مات دون أن يحب شخصًا آخر، بعدما فقد الأمل في أن يصل إلى ما يريد، فمن خلال السطور التالية سنجد الكثير من قصائد شعر جاهلي عن الحب من طرف واحد، والتي قالها أقوى الرجال وأشدهم بأسًا، حيث أتت على النحو التالي:

1- قصيدة جفون العذارى

عنترة بن شداد من أشهر شعراء العصر الجاهلي، وقد بادلته محبوبته أصدق وأنبل مشاعر الحب، والتي أصبحت قصة رائعة لا يزال صداها يتردد حتى الآن في زمننا هذا، لكن في بداية تعلقه بها، ولعدم توافر فرص التواصل التي تتوفر لدينا الآن، كان يتعذر اللقاء.

فكان يشعر كأنما هو فقط من يحبها وهي لا تلقي للأمر بالًا، لذا قام بكتابة تلك القصيدة من قصائد شعر جاهلي عن الحب من طرف واحد، والتي تحمل عنوان (جفون العذارى) حيث أتت أبياتها على النحو التالي:

جُفونُ العَذارى مِن خِلالِ البَراقِعِ

أَحَدُّ مِنَ البيضِ الرِقاقِ القَواطِعِ

إِذا جُرِّدَت ذَلَّ الشُجاعُ وَأَصبَحَت

مَحاجِرُهُ قَرحى بِفَيضِ المَدامِعِ

سَقى اللَهُ عَمّي مِن يَدِ المَوتِ جَرعَةً

وَشُلَّت يَداهُ بَعدَ قَطعِ الأَصابِعِ

كَما قادَ مِثلي بِالمُحالِ إِلى الرَدى

وَعَلَّقَ آمالي بِذَيلِ المَطامِعِ

لَقَد وَدَّعَتني عَبلَةٌ يَومَ بَينِها

وَداعَ يَقينٍ أَنَّني غَيرُ راجِعِ

وَناحَت وَقالَت كَيفَ تُصبِحُ بَعدَنا

إِذا غِبتَ عَنّا في القِفارِ الشَواسِعِ

وَحَقِّكَ لا حاوَلتُ في الدَهرِ سَلوَةً

وَلا غَيَّرَتني عَن هَواكَ مَطامِعي

فَكُن واثِقًا مِنّي بِحُسنِ مَوَدَّةٍ

وَعِش ناعِمًا في غِبطَةٍ غَيرِ جازِعِ

فَقُلتُ لَها يا عَبلَ إِنّي مُسافِرٌ

وَلَو عَرَضَت دوني حُدودُ القَواطِعِ

خُلِقنا لِهَذا الحُبَّ مِن قَبلِ يَومِنا

فَما يَدخُلُ التَفنيدُ فيهِ مَسامِعي

أَيا عَلَمَ السَعدِيِّ هَل أَنا راجِعٌ

وَأَنظُرُ في قُطرَيكَ زَهرَ الأَراجِعِ

وَتُبصِرُ عَيني الرَبوَتَينِ وَحاجِرًا

وَسُكّانَ ذاكَ الجِزعِ بَينَ المَراتِعِ

وَتَجمَعُنا أَرضُ الشَرَبَّةِ وَاللِوى

وَنَرتَعُ في أَكنافِ تِلكَ المَرابِعِ

فَيا نَسَماتِ البانِ بِاللَهِ خَبِّري

عُبَيلَةَ عَن رَحلي بِأَيِّ المَواضِعِ

وَيا بَرقُ بَلِّغها الغَداةَ تَحِيَّتي

وَحَيِّ دِياري في الحِمى وَمَضاجِعي

أَيا صادِحاتِ الأَيكِ إِن مُتُّ فَاِندُبي

عَلى تُربَتي بَينَ الطُيورِ السَواجِعِ

وَنوحي عَلى مَن ماتَ ظُلمًا وَلَم يَنَل

سِوى البُعدِ عَن أَحبابِهِ وَالفَجائِعِ

وَيا خَيلُ فَاِبكي فارِسًا كانَ يَلتَقي

صُدورَ المَنايا في غُبارِ المَعامِعِ

فَأَمسى بَعيدًا في غَرامٍ وَذِلَّةٍ

وَقَيدٍ ثَقيلٍ مِن قُيودِ التَوابِعِ

وَلَستُ بِباكٍ إِن أَتَتني مَنِيَّتي

اقرأ أيضًا: شعر اعتذار جاهلي

2- قصيدة بان الخليط

جرير هو أحد أشهر شعراء العصر الجاهلي، وله الكثير من الدواوين التي تلمس القلب، كما أن له الأسلوب الميسر السلس في كتابة الشعر، فعندما نقرأ الكثير من قصائد شعر جاهلي عن الحب من طرف واحد، قد يصعب علينا فهم بعض الكلمات.

إلا أن جرير يستخدم مفردات اللغة العربية بطريقة رائعة، فسنشعر من خلال الأبيات بمدى عراقة لغتنا، ومدى قوة المشاعر التي من الممكن أن يملكها شخص تجاه قلب أحبه بصدق، ولا ينتظر منه مقابل ذلك الحب.

فمن يحب بصدق، من شأنه أن يفنى عمره كله في سبيل ما يحب على أمل أن يبادله في يوم ما تلك المشاعر النبيلة، لذا ومن خلال ما يلي سوف نتعرف على أبيات قصيدة (بان الخليط)، حيث أتت على هذا النحو:

بانَ الخَليطُ وَلَو طُوِّعتُ ما بانا

وَقَطَّعوا مِن حِبالِ الوَصلِ أَقرانا

حَيِّ المَنازِلَ إِذ لا نَبتَغي بَدَلًا

بِالدارِ دارًا وَلا الجيرانِ جيرانا

قَد كُنتُ في أَثَرِ الأَظعانِ ذا طَرَبٍ

مُرَوَّعًا مِن حِذارِ البَينِ مِحزانا

يا رَبُّ مُكتَإِبٍ لَو قَد نُعيتُ لَهُ

باكٍ وَآخَرَ مَسرورٍ بِمَنعانا

لَو تَعلَمينَ الَّذي نَلقى أَوَيتِ لَنا

أَو تَسمَعينَ إِلى ذي العَرشِ شَكوانا

كَصاحِبِ المَوجِ إِذ مالَت سَفينَتُهُ

يَدعو إِلى اللَهِ إِسرارًا وَإِعلانا

يا أَيُّها الراكِبُ المُزجي مَطِيَتَهُ

بَلِّغ تَحِيَّتَنا لُقّيتَ حُملانا

بَلِّغ رَسائِلَ عَنّا خَفَّ مَحمَلُها

عَلى قَلائِصَ لَم يَحمِلنَ حيرانا

كَيما نَقولُ إِذا بَلَّغتَ حاجَتَنا

أَنتَ الأَمينُ إِذا مُستَأمَنٌ خانا

تُهدي السَلامَ لِأَهلِ الغَورِ مِن مَلَحٍ

هَيهاتَ مِن مَلَحٍ بِالغَورِ مُهدانا

أَحبِب إِلَيَّ بِذاكَ الجِزعِ مَنزِلَةً

بِالطَلحِ طَلحًا وَبِالأَعطانِ أَعطانا

يا لَيتَ ذا القَلبَ لاقى مَن يُعَلِّلُهُ

أَو ساقِيًا فَسَقاهُ اليَومَ سُلوانا

أَو لَيتَها لَم تُعَلِّقنا عُلاقَتَها

وَلَم يَكُن داخِلَ الحُبُّ الَّذي كانا

هَلّا تَحَرَّجتِ مِمّا تَفعَلينَ بِنا

يا أَطيَبَ الناسِ يَومَ الدَجنِ أَردانا

قالَت أَلِمَّ بِنا إِن كُنتَ مُنطَلِقًا

وَلا إِخالُكَ بَعدَ اليَومِ تَلقانا

يا طَيبَ هَل مِن مَتاعٍ تُمتِعينَ بِهِ

ضَيفًا لَكُم باكِرًا يا طَيبَ عَجلانا

ما كُنتُ أَوَّلَ مُشتاقٍ أَخا طَرَبٍ

هاجَت لَهُ غَدَواتُ البَينِ أَحزانا

يا أُمَّ عَمروٍ جَزاكِ اللَهُ مَغفِرَةً

رُدّي عَلَيَّ فُؤادي كَالَّذي كانا

أَلَستِ أَحسَنَ مَن يَمشي عَلى قَدَمٍ

يا أَملَحَ الناسِ كُلِّ الناسِ إِنسانا

يَلقى غَريمُكُمُ مِن غَيرِ عُسرَتِكُم

بِالبَذلِ بُخلًا وَبِالإِحسانِ حِرمانا

لا تَأمَنَنَّ فَإِنّي غَيرُ آمِنِهِ

غَدرَ الخَليلِ إِذا ما كانَ أَلوانا

قَد خُنتِ مَن لَم يَكُن يَخشى خِيانَتَكُم

ما كُنتُ أَوَّلَ مَوثوقٍ بِهِ خانا

لَقَد كَتَمتُ الهَوى حَتّى تَهَيَّمَني

لا أَستَطيعُ لِهَذا الحُبُّ كِتمانا

كادَ الهَوى يَومَ سَلمانينَ يَقتُلُني

وَكادَ يَقتُلُني يَومًا بِبَيدانا

وَكادَ يَومَ لِوى حَوّاءَ يَقتُلُني

لَو كُنتُ مِن زَفَراتِ البَينِ قُرحانا

لا بارَكَ اللَهُ فيمَن كانَ يَحسِبُكُم

إِلّا عَلى العَهدِ حَتّى كانَ ما كانا

مِن حُبَّكُم فَاِعلَمي لِلحُبِّ مَنزِلَةً

نَهوى أَميرُكُمُ لَو كانَ يَهوانا

لا بارَكَ اللَهُ في الدُنيا إِذا اِنقَطَعَت

أَسبابُ دُنياكَ مِن أَسبابِ دُنيانا

يا أُمَّ عُثمانَ إِنَّ الحُبُّ عَن عَرضٍ

يُصبي الحَليمَ وَيُبكي العَينَ أَحيانا

ضَنَّت بِمَورِدَةٍ كانَت لَنا شَرَعًا

تَشفي صَدى مُستَهامِ القَلبِ صَديانا

كَيفَ التَلاقي وَلا بِالقَيظِ مَحضَرُكُم

مِنّا قَريبٌ وَلا مَبداكِ مَبدانا

نَهوى ثَرى العِرقِ إِذ لَم نَلقَ بَعدَكُمُ

كَالعِرقِ عِرقًا وَلا السُلّانِ سُلّانا

ما أَحدَثَ الدَهرُ مِمّا تَعلَمينَ لَكُم

لِلحَبلِ صُرمًا وَلا لِلعَهدِ نِسيانا

أَبُدِّلَ اللَيلُ لا تَسري كَواكِبُهُ

أَم طالَ حَتّى حَسِبتُ النَجمَ حَيرانا

يا رُبُّ عائِذَةٍ بِالغَورِ لَو شَهِدَت

عَزَّت عَلَيها بِدَيرِ اللُجِّ شَكوانا

إِنَّ العُيونَ الَّتي في طَرفِها حَوَرٌ

قَتَلنَنا ثُمَّ لَم يُحيِينَ قَتلانا

يَصرَعنَ ذا اللُبَّ حَتّى لا حِراكَ بِهِ

وَهُنَّ أَضعَفُ خَلقِ اللَهِ أَركانا

يا رُبُّ غابِطِنا لَو كانَ يَطلُبُكُم

لاقى مُباعَدَةً مِنكُم وَحِرمانا

أَرَينَهُ المَوتَ حَتّى لا حَياةَ بِهِ

قَد كُنَّ دِنَّكَ قَبلَ اليَومِ أَديانا

طارَ الفُؤادُ مَعَ الخَودِ الَّتي طَرَقَت

في النَومِ طَيِّبَةَ الأَعطافِ مِبدانا

مَثلوجَةَ الريقِ بَعدَ النَومِ واضِعَةً

عَن ذي مَثانٍ تَمُجُّ المِسكَ وَالبانا

بِتنا نَرانا كَأَنّا مالِكونَ لَنا

يا لَيتَها صَدَّقَت بِالحَقِّ رُؤيانا

قالَت تَعَزَّ فَإِنَّ القَومَ قَد جَعَلوا

دونَ الزِيارَةِ أَبوابًا وَخُزّانا

لَمّا تَبَيَّنتُ أَن قَد حيلَ دونَهُمُ

ظَلَّت عَساكِرُ مِثلُ المَوتِ تَغشانا

ماذا لَقيتُ مِنَ الأَظعانِ يَومَ قِنىً

يَتبَعنَ مُغتَرِبًا بِالبَينِ ظَعّانا

أَتبَعتُهُم مُقلَةً إِنسانُها غَرِقٌ

هَل يا تُرى تارِكٌ لِلعَينِ إِنسانا

كَأَنَّ أَحداجَهُم تُحدى مُقَفِّيَةً

نَخلٌ بِمَلهَمَ أَو نَخلٌ بِقُرّانا

يا أُمَّ عُثمانَ ما تَلقى رَواحِلُنا

لَو قِستِ مُصبَحَنا مِن حَيثُ مُمسانا

تَخدي بِنا نُجُبٌ دَمّى مَناسِمَها

نَقلُ الحَزابِيِّ حِزّانًا فَحِزّانا

تَرمي بِأَعيُنِها نَجدًا وَقَد قَطَعَت

بَينَ السَلَوطَحِ وَالرَوحانِ صُوّانا

الحب من طرف واحد نار في القلب إن لم يشعر المحبوب بمن وهب قلبه له، وهذا ما تأكدنا منه من خلال التعرف على قصائد شعر جاهلي عن الحب من طرف واحد.