كتابة/الشربينى المهندس

كان صوت المؤذن يجلجل في الفضاء الرحب ..
الصلاة خير من النــوم ..
هب من نومه متمتما ..
..صدقت وبررت إن شاء اللــــه ..
حي علي الصلاة ..حي علي الفلاح ..
حان وقت الجهاد واستعنا باللـه..
أزاح التعب من علي أكتافه التي أنهكها المجهود الشاق لكمين ناجح وسط دوريات العـدو بالأمس ..
شعر بانشراح الصدر فقام من فوره فاغتسل وتوضأ ، ثم صلي ركعتي السنة .
بسمل وحوقل وسبح بحمد ربه .. ثم يمم وجهه شطر المسجد الأقصى والنور يشع من جبينه ..
خرق السكون صوت دبابات العـدو التي يعرفها جيدا ويحفظ حكاياته والرفاق معها ، فأسـرع يستحث الخطي إلي المسجد وهو يردد الأدعية المأثورة بغرق العدو في الجحيم ..
كان يتلفت حوله من لحظة لأخرى ..
الحذر الحذر يا ولدي ..
إنهم أهل الغدر فلا تنسي ..
زادت خطواته وما زال القلق يراوده بعدم اللحاق بالصلاة ..
همسات الضوء الخافت ترسم ظلالا كثيرة ..
..تابعها فانزلقت قدمه في حفرة سبقته إليها دانات العـدو ..
استعاذ باللـــه من الشيطان الرجيم ..
بسمل ..حوقل واستند إلي ذراعيه وهب واقفا بينما وضح لأذنيه صـوت مجـنزره يقترب ..
أسرع بمحاولة نفـض غبار الأتربة عن وجهه وملابسه ،وإذا بالصـوت الهامس يردد :
..أرضنا طيبة ..
..التراب طاهر ..
.. منها واليها يا ولدي ..
..التراب مقدس كالصلاة ..
همس لنفسه يتلو الرحمات لوالده الذي اغتالوه وقد تجاوز الثمانين ..
سبقته أنوار تتسابق نحو القبة هناك ..
توكلنا علي اللـه ثم رفع قدمـه إلي كومة التراب يحاول الخروج من الحفرة ..
كانت المجنزرة أسرع منه وصوتها يصم الآذان ..
.. يردد السكون المهيب  صـوت صرخة اختلطت بصـوت المؤذن ..
قد قامت الصلاة ..

************