للوهلة الأولى وجدتني أمام أحاسيس جياشة ومشاعر متدفقة قد لا تسعها حروف هذا النص للكاتبة وفاء بغدادي..هو تحليق مشروع في فضاء واسع من الخيال لأسيرة الكرسي المتحرك، تتحرك فيه الكاتبة وفاء بغدادي من خلال مونولوج داخلي على شكل تساؤلات قد لا تسعفها الإجابة عليها، لأنها لم تجربها أصلا.
تجربة الوقوف على قدمين هي في حد ذاتها، “فانتازيا” مدهشة لمن لا يستطيع الوقوف. ..ماذا لو استطعت الوقوف؟ سؤال مستفز لمن لا يملك القدرة على الوقوف
، حتى الجواب يأتي في سياق هذا السؤال: لن أرقص رقصتي….. هذ الإحساس بالعجز في حد ذاته، ينتقل إلى مناحٍ أخرى تذهب بها إلى رفض هذا العالم الظالم الذي لا يتجاوز عجلات الكرسي المتحرك الذي سجنت فيه.
لتتفاعل مع العصافير التي خسرت حريتها وسجنت في الأقفاص ..إذن هي تواقة إلى الحرية كتلك العصافير حبيسة الأقفاص، مع أن لديها أجنحتها القادرة على الطيران بمجرد فتح باب القفص، وكذلك أسماك الزينة التي مكانها البحر وليس ذلك القفص الزجاجي الكئيب.
هاجس الموت لم يغب عن ذهن الكاتبة، مع أن الموت في الأوطان نعمة كما تعتقد ، لكنه ومضة تمر سريعاً في لحظة مرور العصافير التي تتوقع أن تهدبها زهورًا حقيقية، وهل تملك العصافير أن تهديها الورد بمجرد أن تمنحها الحرية حقاً؟ في اعتقادي أن العصاقير ستغادر أقفاصها لا تلوي على شيء، ولعلها في مرحلة أخرى بعد انطلاقها في الأجواء تتذكر تلك اليد الحانية التي فتحت أمامها الحياة مجدداً، وربما تمر بها مزقزقة لتقول لها: شكراً.
ويشطح بها الخيال وهي تنظر إلى القمر في تساؤل محزن: كم سيكون طولها لو تمكنت من الوقوف؟، هل ستلامس بقامتها القمر؟ وكم هي المسافة التي تفصلها عنه لتعود إلى الواقع المرير، وهي تتوق لتصل إلى كأس الماء القريب، ولا تصل إليه يدها.. هذه الأحاسيس الصادقة هي التي تحولت إلى حروف في هذا النص.
ولا أجد في هذه العجالة مناصاً من التعاطف – وليس العطف- مع نص الكاتبة وفاء بغدادي، وهي تعاني أسر الكرسي المتحرك، لتنتقل إلى مرحلة من التحليق في ملكوت الحرية الواسع – رغم أنف الكرسي وضيق الحركة – على جناح الخيال لتسجل بمداد شفيف، ضوع قلم يحمل حلمها المشروع الى القارئ .

القصيدة :
………..
ترى ماذا لو استطعت الوقوف ؟
ثق لن أرقص رقصتى الأولى والأخيرة مع أحد
ربما أتنصل حتى من ظلى
ظلى الذى اعتدته هو هذا الكرسى المتحرك
فلماذا أرقص مع ظل لا اعرفه
فقط ربما أول شيءٍ أفعله أفتح قفص العصافير
يمكننى أن أذهب للحدائق الآن
أسمعها بحرية
الحرية تجعل العصافير أجمل
سأعيد أسماك الزينة إلى البحر
لن أحزن
بالطبع مؤلم أن تموت وحيدة
الموت فى الأوطان نعمة
ربما تهديني العصافير ورودًا حقيقية ثمنًا للحرية
لن أبيع الورود
الأشياء الجميلة تفقد سحرها إذا ما قايضناها بثمن
وانا أيضا لا أستطيع أن أدفع قلبى ثمنًا
أحتاجه فى مهمة أخرى
ترى كم سيكون طولى ؟
بطول الحلم؟ أم بطول المسافة للقمر ؟
هل ستمتد يدى للقمر ام ستظل عاجزة كما هى الآن
تصارع من أجل كوب الماء الذى يبعد عنى سنتيمترات
لا بأس ها هو حلم جديد أن تبقى يدى بسلامة قلبى
كاذبة أنا
على قلبى دوائر تشبه عجلات الكرسى
ترسم متاهات لا أستطع الخروج منها
دعونى أتخيل أنى خرجت..
وقفت..مددت يدى للقمر
أرسم قلبى هلالا
لا يجوز
القمر هو من يتحول هلالا فى شكل ابتسامة
ربما يطبعها على وجوه لا أراها
إذا سآخذ معى قلمى
قلمى لا يكتب إلا الصدق
القمر يشبه قلمى
ترى هل يتركنى أكذب
وأرسل غدًا لا يشبهني
وأرسم ابتسامة
أعلم جيدا أنى لن أراها عندما أعود من الحلم
أنا لا أريد العودة
لا أريد قلمى
الذى يشبه القمر
**** ********
مدخل :
…………
على عيد ميلادي
فاضل يدوب كام شهر
و الدنيا عملالي تورتة
خبيزها قهر
وانا عايزة من حملى
ألف ضهر …. وضهر
**** ********
القصيدة 2 /
………………….
المسافة بين بيتى والمسجد قصيرة
لذا لن يبتل الشارع كثيرا بالدموع
ربما بعض صدق
يشبه المطر فى نوفمبر
وابتسامة طفل
لن أعطلكم عن أعمالكم
سأصل إلى المقابر سريعة جدًّا
بقوة دفع أمنياتى للرحيل
لن تقفوا طويلا
ستفضلون قصارى السور
والدعوات بالرحمة
و أعماقكم تقول :”فى موتها رحمة”
ربما يردد البعض : “كم كانت قوية”!!
العصافير وحدها تعرف
يرحل الجميع
والعصافير تبقى
ليلا تفتح لى
تبسط جناحيها
تمنحنى فرصة أراك لأول مرة
أحلق فوقك
أراك تغنى فيروز لأخرى
(شايف البحر شو كبيرة ….كبر البحر بحبك)
وبجانب المنضدة منديل ورقى
عليه بقايا دموع كاذبة
أعود
أغلق مقبرتى
أسمع محاولات العصافير فى فتحها
لا أكترث
فقد أغلقتها جيدا
فقد بعض الحين ستجدنى أغنى
( كيفك انت)
**** ********
القصيدة 3/
………….
متبصش جامد ف التليفون
مش هترن
علشان لما اترجت عينك تفضل
قلت عليها كتير بتزن
واما دموعها نزلت دم
وشالت جرحك زى الأم
قلت هتفضل
مهما ان اعمل
حتى ان شربت منى السم
إيه بتحن؟
متبصش جامد ف التليفون
مش هترن
فاكر لما بتزعل منك
علشان ثانية اتأخرت
وبتكتب لك
ألف بحبك
ايوة بحبك من غير شرط
وانت بتقرا من غير قلب
وﻻ اتأثرت
وهى تموت
وتموت
وتئن
إيه يتحن ؟!
متبصش جامد ف التليفون
مش هترن
فاكر لما بتسأل فينك
وانت تقول غيرانة كتير
واما كمان بتسيبها وتمشى
تعمل روحها فوقك طير
واما تنام ف الحلم تجيلك
علشان تبقى ملاك الخير
تبعد عنك شر الجن
إيه يتحن؟ ؟!
متبصش جامد ف التليفون
مش هترن