تشبَّثي بذراعي حين يأخذني
منكِ القطار و لا تعطيه أمتعتي
قولي له ارحل بعيدا عن مصايرنا
و طَوِّحي خلفه أشلاء تذكرتي
لا دربَ بَعْدك يغري بالمضيِّ و لا
فوق التراب هواءٌ يحتوي رئتِي
هنا تنفسَتِ الأحلامُ فيَّ هنا
شَبَّتْ على مرفأ الآمال أمنيتي
هنا زرعتُكِ في مجرى دمي عَبَقًا
لا تتركي الريح تذرو نَبْتَ أوعيتي
لمن أفيء و أنت الأهل مذ حملتْ
ريحُ الجنوب إلى مرساك أشرعتي
أتيتُ نحوكِ طِفْلَ الروح يجذبني
طيشُ الصبا لطريقٍ فيه هاويتي
حتى تلقَّفْتِني من عثرتي ومحَتْ
كفَّاكِ ما مسَّني من رحلة العَنَتِ
ضممْتِني بيدٍ بيضاءَ دافئةٍ
هيَّأْتِ لي في رحاب الصدر صومعتي
أَغمضْتُ عيني و لم أعبأ بما صَنعَتْ
مخالبُ الليل في أحضان أمسيتي
حلمتُ في غفوتي في يقظتي و مضى
بالحلم عمري على كفيك صاحبتي
على يديك تعرَّفْتُ الحياةَ و لم
تزل دروسك في الدنيا مُعَلِّمتي
فَتحْتِ لي سجنَ أيامي التي سلفتْ
أشعرْتِني أن هذا الكون مملكتي
فرُحْتُ أركض في ساحاته زمنا
عذبا و أعجزْتُ هَمِّي عن ملاحقتي
إن مَلَّتِ الأرضَ من طول الخُطى قدمي
كانت يداكِ على الآفاق أجنحتي
لَمْ أَدْرِ كَم مَرَّ من عمري و لا حمَلَتْ
خواطري نُذُرًا عن غدر راحلتي
كانت حياتي غناءً حالِمًا فرِحًا
و اليوم عاث الأسى في لحن أغنيتي
نَزيلُ صدرِكِ أعوامًا و راهبُهُ
يَستنجد العطفَ في عينيك فالتفتي
تَريْ دمائي على كفيكِ هاربةً
مجنونة الخَطْو لا تبغي مصاحبتي
تبرَّأَتْ من عروقي وارتضتْكِ لها
و أفرغَتْ من مَعين الروح أوردتي
أنتِ الحياة على أحضانكِ ابتدأَتْ
فكيف أَلْقَى على كفيكِ خاتمتي