شرح قصيدة حسان بن ثابت في رثاء الرسول

شرح قصيدة حسان بن ثابت في رثاء الرسول يأخذ القلب ويشرد به بعيدًا، فسوف نتعرف على أجمل أبيات شعرية يرثى بها حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم، والتي تحتوي على أجمل الكلمات التي تعبر عن مدى حب الذي يكنه حسان بن ثابت للرسول، ونحن من خلال الواقع العربي سوف نوضح هذا الجمال.

شرح قصيدة حسان بن ثابت في رثاء الرسول

معنى كلمة الرثاء في اللغة العربية الجميلة، هو أن يقول الشخص بعض الكلمات الشعرية معبرًا من خلالها على أسفه وحزنه جراء موت شخص عزيز لديه، فعندما مات رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم حزن العالم أجمع وكأنما الشمس غابت دون عودة.

فكيف لا، وهو خاتم الأنبياء والرسل الكرام ورحمة الله للعالمين، حزن أصحابه حزنًا بالغًا، وشعروا كأنما مات كل من يعرفونهم، فقد كان خير صاحب وجليس، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وكان خير من تواضع، فلم يكن متكبرًا قط، لذلك كان أحبابه على أتم استعداد لأن يفنوا أعمارهم في سبيله.

أكبر دليل على عشق أصحابه له، أنه عندما توفي صلى الله عليه وسلم، تسابق أصحابه على رثائه، خاصة حسان بن ثابت، حيث كتب له قصيدة شعرية من أروع ما يكون، ومن خلال التعرف على شرح قصيدة حسان بن ثابت في رثاء الرسول، علينا أن نعرف أنها تعود إلى عصر صدر الإسلام.

بمعنى أنها كتبت عقب وفاة الرسول على الفور، ولم يمر وقت طويل بينها وبين ذلك الحدث، كما أن نبرة الشاعر تدل على تأثره الشديد، كيف لا؟ وهو من لقب بشاعر الرسول من فرط حبه له.

حيث تصف القصيدة مشهد وقوف حسان بن ثابت رضي الله عنه على الأطلال، وهنا جاءت الكلمة تشير إلى معنى آخر، حيث يقصد بها قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث كان يبكي بكاءً حارًا، ومن خلال التمعن في شرح قصيدة حسان بن ثابت في رثاء الرسول، نجد أنه كان ينظر إلى كل حدب وصوب في المدينة متذكر رسول الله.

فهنا كانت أقدامه الشريفة صلى الله عليه وسلم تخطو، فكانت تنير الدنيا بأكملها، لم تكف عيني حسان بن ثابت عن البكاء، حتى اطمأن قلبه قليلًا بدعائه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبركة التي لا تزول مثلما كان وجوده خير بركة ورحمة.

اقرأ أيضًا: كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني .. بحث بقلم عادل أبو الأنوار

تحليل قصيدة رثاء الرسول

أما عن البيئة الشعرية التي تنتمي إليها قصيدة حسان بن ثابت التي أرثى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي تنتمي إلى العصر الإسلامي، كون من كتبها شعر مخضرم، ويعني لك أنه عاصر الفترة الجاهلية، وفترة ظهور دين الإسلام.

أما عن لغويات النص، والتي ينبغي أن نسلط عليها الضوء عبر ذكر شرح قصيدة حسان بن ثابت في رثاء الرسول، فقد أتت على النحو التالي:

  • طيبة، والتي تعني المدينة المنورة التي هاجر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
  • أرسم، وهي كلمة تعني قبر رسولنا الكريم.
  • معهد، تعني المكان المعروف.

الجدير بالذكر احتوت القصيدة على الكثير من مواطن الجمال لغويًا، والتي يسهل على القارئ معرفتها، فحسان بن ثابت كان يتميز بالأسلوب السهل الميسر الذي لا يجعل من يتبعه يبحث عن الكثير من المعاني في مختلف المعاجم.

اقرأ أيضًا: تأثر الشعر والنقد العربي بالأدب العالمي.. مقال 2 دكتور/ طارق رضوان

عن حسان بن ثابت (شاعر الرسول)

هو شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو الوليد حسان بن ثابت الأنصاري، والذي كان يشعر بالغيرة على دينه وعلى حبيبه المصطفى، فكان لا يقبل أن يمسه مكروه، وكان على استعداد أن يقدم عمره فداء لرسول الله.

كان في بداية حياته من قبيلة الخزرج بالمدينة المنورة، حيث كان من الأنصار، فدخل الإسلام فكان ذخرًا له، عاصر الكثير من الأحداث الإسلامية.

ولد قبل الهجرة بحوالي عامًا، وتوفي في عصر خلافة علي بن أبي طالب كرم الله وجه، له الكثير من الدواوين الشعرية التي نتطرق إليها حتى الآن مثل شرح قصيدة حسان بن ثابت في رثاء الرسول، كما كتب الكثير من الأبيات الشعرية التي يمدحه فيها لفرط حبه له.

اقرأ أيضًا: برقٌ شعريٌّ.. ما أن توهَّجَ.. فانطفأ.. دراسة محمود عبد الصمد زكريا

قصيدة رثاء الرسول (بطيبة رسم)

تعرفنا من خلال ما سبق على شرح قصيدة حسان بن ثابت في رثاء الرسول، لم يبق لدينا سوى تناولها عبر السطور التالية، حيث أتت على النحو الآتي:

بطيبة رسم للرسول ومعهد * منير وقد تعفو الرسوم وتهمد

ولا تمتحى الآيات من دار حرمة * بها منبر الهادي الذي كان يصعد

وواضح آثار وباقي معالم * وربع له فيه مصلى ومسجد

بها حجرات كان ينزل وسطها * من الله نور يستضاء ويوقد

معارف لم تطمس على العهد آيها * أتاها البلى فالآي منها تجدد

عرفت بها رسم الرسول وعهده * و قبرا بها واراه في الترب ملحد

ظللت بها أبكي الرسول فأسعدت * عيون ومثلاها من الجفن تسعد

يذكرن آلاء الرسول وما أرى * لها محصيا نفسي فنفسي تبلد

مفجعة قد شفها فقد أحمد * فظلت لآلاء الرسول تعدد

وما بلغت من كل أمر عشيره * ولكن لنفسي بعد ما قد توجد

أطالت وقوفا تذرف العين جهدها * على طلل القبر الذي فيه أحمد

فبوركت يا قبر الرسول وبوركت * بلاد ثوى فيها الرشيد المسدد

وبورك لحد منك ضمن طيبا * عليه بناء من صفيح منضد

تهيل عليه الترب أيد وأعين * عليه وقد غارت بذلك أسعد

لقد غيبوا حلما وعلما ورحمة * عشية علوه الثرى لا يوسد

وراحوا بحزن ليس فيهم نبيهم * وقد وهنت منهم ظهور وأعضد

يبكون من تبكي السماوات يومه * ومن قد بكته الأرض فالناس أكمد

وهل عدلت يوما رزية هالك * رزية يوم مات فيه محمد

تقطع فيه منزل الوحي عنهم * وقد كان ذا نور يغور وينجد

يدل على الرحمن من يقتدي به * وينقذ من هول الخزايا ويرشد

إمام لهم يهديهم الحق جاهدا * معلم صدق إن يطيعوه يسعدوا

عفوا عن الزلات يقبل عذرهم * وإن يحسنوا فالله بالخير أجود

وإن ناب أمر لم يقوموا بحمله * فمن عنده تيسير ما يتشدد

فبينا هم في نعمة الله بينهم * دليل به نهج الطريقة يقصد

عزيز عليه أن يجوروا عن الهدى * حريص على أن يستقيموا ويهتدوا

عطوف عليهم لا يثني جناحه * إلى كنف يحنو عليهم ويمهد

فبينا هم في ذلك النور إذ غدا * إلى نورهم سهم من الموت مقصد

فأصبح محمودا إلى الله راجعا * يبكيه حتى المرسلات ويحمد

وأمست بلاد الحرم وحشا بقاعها * لغيبة ما كانت من الوحي تعهد

قفارا سوى معمورة اللحد ضافها * فقيد يبكينه بلاط وغرقد

ومسجده فالموحشات لفقده * خلاء له فيه مقام ومقعد

وبالجمرة الكبرى له ثم أوحشت * ديار وعرصات وربع ومولد

فبكى رسول الله يا عين عبرة * ولا أعرفنك الدهر دمعك يجمد

وما لك لا تبكين ذا النعمة التي * على الناس منها سابغ يتغمد

فجودي عليه بالدموع وأعولي * لفقد الذي لا مثله الدهر يوجد

وما فقد الماضون مثل محمد * و لا مثله حتى القيامة يفقد

أعف وأوفى ذمة بعد ذمة * و أقرب منه نائلا لا ينكد

وأبذل منه للطريف وتالد * إذ ضن معطاء بما كان يتلد

وأكرم صيتا في البيوت إذا انتمى * وأكرم جدا أبطحيا يسود

وأمنع ذروات وأثبت في العلا * دعائم عز شاهقات تشيد

وأثبت فرعا في الفروع ومنبتا * وعودا غذاه المزن فالعود أغيد

رباه وليدا فاستتم تمامه * على أكرم الخيرات رب ممجد

تناهت وصاة المسلمين بكفه * فلا العلم محبوس ولا الرأي يفند

أقول ولا يلقى لقولي عائب * من الناس إلا عازب العقل مبعد

وليس هواي نازعا عن ثنائه * لعلي به في جنة الخلد أخلد

مع المصطفى أرجو بذاك جواره * وفي نيل ذاك اليوم أسعى وأجهد

وقال حسان بن ثابت أيضا يبكي رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏

ما بال عينك لا تنام كأنما * كحلت ما فيها بكحل الأرمد

جزعا على المهدي أصبح ثاويا * يا خير من وطئ الحصى لا تبعد

وجهي يقيك الترب لهفي ليتني * غيبت قبلك في بقيع الغرقد

بأبي وأمي من شهدت وفاته * في يوم الاثنين النبي المهتدي

فظللت بعد وفاته متبلدا * متلددا يا ليتني لم أولد

أأقيم بعدك بالمدينة بينهم * يا ليني صبحت سم الأسود

أو حل أمر الله فينا عاجلا * في روحة من يومنا أو من غد

فتقوم ساعتنا فنلقي طيبا * محضا ضرائبه كريم المحتد

يا بكر آمنة المبارك بكرها * ولدته محصنة بسعد الأسعد

نورا أضاء على البرية كلها * من يهد للنور المبارك يهتدي

يا رب فاجمعنا معا ونبينا * في جنة تثني عيون الحسد

في جنة الفردوس فاكتبها لنا * يا ذا الجلال وذا العلا والسؤدد

والله اسمع ما بقيت بهالك * إلا بكيت على النبي محمد

يا ويح أنصر النبي ورهطه * بعد المغيب في سواء الملحد

ضاقت بالأنصار البلاد فأصبحوا * سودا وجوههم كلون الإثمد

ولقد ولدناه وفينا قبره * وفضول نعمته بنا لم نجحد

والله أكرمنا به وهدى به * أنصاره في كل ساعة مشهد

صلى الإله ومن يحف بعرشه * والطيبون على المبارك أحمد

قال ابن إسحاق ‏:‏ وقال حسان بن ثابت يبكي رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏

نب المساكين أن الخبر فارقهم * مع النبي تولي عنهم سحرا

من ذا الذي عنده رحلي وراحلتي * ورزق أهلي إذا لم يؤنسوا المطرا

أم من نعاتب لا نخشى جنادعه * إذ اللسان عتا في القول أو عثرا

كان الضياء وكان النور نتبعه * بعد الإله وكان السمع والبصرا

فليتنا يوم واروه بملحده * وغيبوه وألقوا فوقه المدرا

لم يترك الله منا بعده أحدا * ولم يعش بعده أنثى ولا ذكرا

ذلت رقاب بني النجار كلهم * وكان أمرا من أمر الله قد قدرا

واقتسم الفيء دون الناس كلهم * وبددوه جهارا بينهم هدرا

وقال حسان بن ثابت يبكي رسول الله صلى الله عليه سلم أيضا ‏:‏

آليت ما في جميع الناس مجتهدا * مني إليه بر غير إفناد

تالله ما حملت أنثى ولا وضعت * مثل الرسول نبي الأمة الهادي

ما أجملها من كلمات وما أعذبها من حروف، فبالتمعن في تلك القصيدة الرائعة، ندرك المعنى الحقيقي للصديق الذي ينفطر قلبه على فراق صديقه، فهو لا يراه فقط شخص في الدنيا، وإنما يراه الدنيا بأكملها.

 صلاة الله وسلامه عليك يا سيدي يا رسول الله، فإن القلب فرحًا كونه قرأ تلك الكلمات الرائعة وتعرف على شرح قصيدة حسان بن ثابت في رثاء الرسول.