11224269_121367524864289_677632690995340472_n
الروائية مروى على الدين

يُقـال: “إن مُخاطبة الآخر أسهل من مُخاطبة النفس لسبب بسيط، أن العين تنظر نحو الآخر.. فهي دائمة التطلُع نحو الخارج”.. فهل نحن حقًا نُخالط الآخرين أكثر مما نُخالط أنفسنا ؟

 

زي ما أنت متقدرش تناقش حد في أبعاد شخصيته وتطلب منه يتغير، عشان هو لازم يتغير لنفسه وعشانك وعشان غيرك وحياتك وحياته وحياة غيره، زي ما مينفعش تناقش حد في طبيعة مشاعره وإحساسه.. لأن مشاعره دي كمان لها شخصية.. المشاعر زي الشخصية بتكبر وتتغير ملامحها، زي تفاصيل الجسم والوجه، والصوابع وخصلة الشعر.. زي لون الجلد في البرد والصيف لما يتحرق.

صعب قوي حد يعمل كونترول على كل حاجة جوا نفسه.. الحقيقة إن كل محاولاتنا بتكون مع نفسنا عشان نفهمها وتفهمنا.. نفسنا دي كمان شخصية.

 

هما كام شخصية ؟

كم لُغة نتحدث ؟ وكم شخصية نحمل؟

هما الحقيقة شخصيات كتيرة جوانا، بنحاول طول الوقت نعمل بينهم، اتفاق وهدنة وصلح، وساعات بتكون العلاقة بين شخصيات _ الشخص الواحد _ علاقة هايلة جدًا. تلاقيه صافي جدًا، وعنده مساحة فراغ وهدوء.

ممكن قوي يكون نَحَّىَ الصراعات جانبًا وحسم أمره ببساطة، وممكن يكون عاش فترة طويلة من الصراع وكنوع من الفوز حقق السلام النفسي دا، والرضا عن حاله، وذاته، وشكله، وصوته وصفاته، والكاريزما بتاعته.. يعني تعب على نفسه وخلاص بقى راضي بيها.. وعنها !

محاولاتنا للكلام مع الآخرين أكتر بكتير من مُحاولاتنا الكلام مع نفسنا، نتونس بيها وتتونس بينا.. نسمعها وتسمعنا، وكأنها نفس مُعوقة متنفعش؛ فنتبرأ منها وكل شوية ندور على حد من برا نتكلم معاه، ونسمعه ونهتم بيه أكتر من النفس اللي لا حول لها ولا قوة دي. النفس دي شفافة جدًا في البداية ولطيفة جدًا.. وبتكبر زي ما أنت بتكبر تمام، ومعاها كام شخصية.

الجسم بلغته اللي بقوا يهتموا كتير بترجمتها دا كمان له شخصية؛ متفرد جدًا وبيعبر عن نفسه بمنتهى الثقة والاستقلالية بعيدًا عنك، ونوازعك ورغباتك، واللي هو عايز يقوله هيقوله غصب عنك.

جسمك أكبر ديكتاتور بيفرض سيطرته في الحكاية، مُتبجح الحقيقة وموش بيتكسف زي مشاعرك ويستخبى، ولا زي عقلك اللي علطول بيفرز ويختار وعايز يبان في أحسن وألمع صورة ، ولا زي أي حاجة.. في الغضب والفرح والحُب والاشتياق والحُب والحرب، وفي حالة الدفاع عن آخر نفس بيتصرف لوحده !!

لو راجعت تفاصيل صغيرة هتعرف إن جسمك كان محضر لك مفاجآت كتيرة زمان، عشان كدا بأكد إن الجسم تحديدًا دائم المفاجآت.. محاولة التفاهم والحديث مع نفسنا، ونسمع لها في حالات السلم ومن غير جلد للذات أفضل كتير وهتنفع في الفترة الجاية أفضل من جلسات التحقيق والتبرير والعقاب المعنوي..

يعني موش لازم قعدتنا مع نفسنا تكون:

إنت مُغفل ..

إنتي مُغفلة

إنت غبي وجاهل

إنتي غبية ومبتتعلميش

يعني ليه لأ ميبقاش فيه شوية تعاطف ورحمة شوية وقت النوم، وكفاية جدًا إن الآخرين اللي برا الشخصيات دي كلها في الغالب بيبصوا عالقشور، ويبطلعوا بنتيجة معاكسة للحقيقة ‫#‏غالبا.. وإحنا بنحط إيدينا في إيديهم ‫#‏ضدنـــا.

آخر نصيحة دي كانت مهمة وفرقت كتير معايا شخصيًا أسمع لنفسي، أكون معاها.. عشان أكيد فيه ناس كتير ضدها.. كمان في مُحاولاتنا أننا نفضفض مثلًا مع الآخرين ساعات نتفاجئ تلاقينا بنفكر ونعبر بشكل نستغرب ليه موش بنعمله وإحنا لوحدنا، يعني الأفكار موجودة جوانا إحنا وبتاعتنا إحنا لكن كل الحكاية إننا ما وفرناش الفُرصة إننا نفكر فيها ونخرجها، وخرجت أهي لأول مرة وفاجأتنا.. نَفْسنا أكيد ممكن تكون صاحب كويس، وممكن جدًا إحساس الوحدة يقل لما هنسمع لها ونفكر نقلل مساحة الاحتياج!

وختامًا .. “الجسد يخترع الكابوس حين يكون النوم أقرب إلى الموت” .