كرامات أولياء الله

ما هي كرامات أولياء الله؟ وما ضوابطها؟ تعتبر الكرامة ما هي إلا بعض الأمور التي يُيسرها الله -عز وجل- لعبده الصالح، لكي يميزه ويكرمه في الحياة الدنيا، ويرجع ذلك إلى كونه أقرب في المنزلة إليه من سائر العباد، لذا فإن تلك الكرامات يستند إليها المحتاجين، لذا سوف نتعرف على تلك الكرامات من خلال الواقع العربي.

كرامات أولياء الله الصالحين

إن أولياء الله الصالحين من أكثر الأشخاص الذين يتقربون لله -عز وجل- بتنفيذ كل ما ورد في القرآن الكريم، وما حث عليه الرسول صلى الله عليه وسلم في السُنة النبوية المطهرة، وقام السفاريني بشرح مفهوم كرامات أولياء الله الصالحين تفصيليًا في قوله:

“هي شيء خارق للعادة لا يقترن بدعوى النبوة، ولا هو مقدمة، يظهر على يد عبد ظاهر الصلاح، ملتزم لمتابعة نبي كلف بشريعته مصحوب بصحيح الاعتقاد والعمل الصالح، علم بها ذلك العبد الصالح أو لم يعلم”

المقصود من الكرامة في اللغة هي الإكرام العام، وهي تضم كل ما يهبه الله تعالى لعباده المتقين، ونظرًا لكونها من الأشياء الخارجة عن قدرة الإنسان الطبيعي فإن الناس يرون من يمتلك تلك الكرامات واحدًا من أولياء الله الصالحين الذي يلزم اتخاذهم مثال يُحتذى به، بل ويلجئون لهم لكي يكونوا وسطاء لهم عند الله.

اقرأ أيضًا: كيف يعرف العبد أنه ولي من أولياء الله

أنواع كرامات أولياء الله الصالحين

تنقسم كرامات أولياء الله الصالحين إلى نوعين أساسيين، كلًا منها مختلفة عن الأخرى في العديد من الأمور، وهما على النحو التالي:

  • الكرامة المعنوية: تعتبر تلك الكرامة واحدة من الكرامات التي يتم التعبير عنها في السر والعلن، وهي تتمثل في إزالة الأستار عن قلب الشخص.
  • الكرامة الحسية: وهي من أنواع الكرامة التي يعطيها الله لعباده الصالحين، وفسرها ابن عجيبة قائلًا: “هي فعل شيء يعارض قوانين الطبيعة ولم يعتد الإنسان عليه مثل: السير على الماء من غير قارب، والطيران في الجو من غير طائرة، والوصول إلى أماكن بعيدة من غير وسيلة نقل، وغير ذلك من خوارق الطبيعة”.

ضوابط كرامات أولياء الله الصالحين

إن كرامات أولياء الله الصالحين واحدة من الأشياء التي لها العديد من الضوابط الشرعية التي لا يجب التغافل عنها، فإن العديد من الأشخاص قد يخلطون أمر الكرامة بأمور أخرى، لذا فسوق نقوم بشرح كافة قواعدها من خلال النقاط التالية:

  • لا يجب أن تخالف الكرامة الأحاديث النبوية الصحيحة، أو النصوص القرآنية.
  • ألا تكون من ضمن الخيالات الشيطانية التي تراود البعض.
  • من الخطأ التناقض بين الأصل والفرع، وأن يكون مقصود الكرامة من أجل طاعة واستقامة.
  • لا تشمل الكرامة معرفة الغيب، ومن يزعم ذلك فهو مشعوذ، حيث قال الله تعالى: (قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ۚ).

اقرأ أيضًا: أسماء أولياء الله الصالحين في عمان

إثبات كرامات أولياء الله

هناك العديد من الأقاويل التي تدور حول أن كرامات أولياء الله الصالحين أمرًا غير موثوق به، وللحد من حالة الجدل التي تحدث حول ذلك الأمر يمكن الاستعانة بإثبات كرامات أولياء الله الصالحين من خلال القصص التي حدثت وذُكرت في القرآن الكريم، وهي على النحو التالي:

  • ما ورد في القرآن الكريم، قال الله تعالى: “أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ ‏آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ ‏الْعَظِيمُ (64)” سورة يونس.
  • كذلك من إثباتات الكرامة النصية في القرآن الكريم قصة صاحب سيدنا سليمان عليه السلام، قال تعالى: “أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ (40)” سورة النمل.
  • كان للسيدة مريم العذراء كرامات واضحة وذكرت في القرآن الكريم، ويمكن الاستدلال على ذلك من قوله تعالى “كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ” آل عمران:37
  • ما حدث في قصة سارة زوجة إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: “وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ * قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيد” هود:71-73
  • قصة الفتيان المؤمنين المتقين الله عز وجل والذين ثبتوا على توحيدهم لله عز وجل، على الرغم من صد القوم الكافرين، وذلك وفقًا لما قال الله تعالى: “أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا”.

الفرق بين المعجزات والكرامات

هناك العديد من الفروقات الواضحة بين كلًا من المعجزات التي حدثت للرُسل والأنبياء، وبين الكرامات التي يمنحها الله عز وجل لأوليائه الصالحين، ويمكن التفريق بينهما من خلال قول إن المعجزة هي آية من آيات الرسالة والنبوة.

كما أنها تعتبر أمر غير مقرون بالتحدي في العديد من الأحيان يكون خارق للعادة، ومن أمثلتها معجزة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الكبرى وهي القرآن الكريم حيث تحدى بها العرب جميعًا وهم أصحاب الفصاحة والبلاغة فعجزوا على أن يأتوا بمثل هذا القرآن قال تعالى:

” وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ, فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ”  البقرة الآية: 21

أما الكرامة ما هي إلا قدرات خاصة يمنحها الله عز وجل لعباده الصالحين الذين بلغوا درجة كبيرة من الإيمان، وهي أمر غير معتاد أيضًا، وقال في تعريفه ابن عثيمين: “أما الكرامات، فهي جمع كرامة، والكرامة: أمر خارق للعادة، يجريه الله تعالى على يد ولي، تأييدا له، أو إعانة، أو تثبيتا، أو نصرا للدين”.

اقرأ أيضًا: أسماء أولياء الله الصالحين في سوريا

أشهر الأولياء أصحاب الكرامات 

هناك عدد كبير من أولياء الله الصالحين الذين اشتهرت كرماتهم ويأتي لهم الناس من جميع محافظات مصر وحتى من خارجها، وسنتعرف على أشهر هؤلاء الأشخاص من خلال الفقرات التالية:

1- المرسي أبو العباس

واحد من أشهر أولياء الله الصالحين الذين اشتهروا بكثرة في محافظة الإسكندرية، كما أن له مسجد وضريح هناك يأتي إليه أفواج من الناس يوميًا للاستفادة من كراماته، وتم إطلاق لقب المطلع على الأسرار عليه، وبالتالي يمكن استنتاج كراماته بسهولة.

يحكي مريدى المرسى أبوالعباس وريث الطريقة الشاذلية من أبا الحسن الشاذلي أنه كان لديه قدرة غريبة على معرفة ما يدور في خاطر الرجل أمامه فيخبره به، وأنه يفكر في كذا وكذا، ويقول أبو العباس عن نفسه:

(والله ما سار الأولياء والأبدال من قاف حتى يلقوا واحدًا مثلنا، فإذا لقوه كان بغيتهم، ثم قال: وبالله لا إله إلا هو، ما من ولي لله كان أو كائن إلا وقد أطلعني الله عليه وعلى اسمه ونسبه وكم حظه من الله”.

2- السيد البدوي

هو صاحب الكرامات الذي استطاع أن يستحوذ على قلوب وعقول عدد كبير من المصريين، ويقول محمد عثمان البرهاني في كتابهِ “تبرئة الذمة في نصح الأمة” أما عن السيد البدوي:

“دعا الله بثلاثِ دعواتٍ، فأجاب الله دعوتين وأبطل الثالثة؛ دعا الله أن يشفّعهُ في كل من زار قبره، فأجابَ الله ذلك، ودعا الله أن يكتب حجة وعمرة لكل من زار قبره، فأجاب الله ذلك، ودعا الله أن يدخله النار، فرد الطب، فسألوا: لمـاذا؟ فقال: لأني لو دخلتها فتمرغت فيها تصير حشيشاَ أخضر، وحقٌّ على الله ألا يعذّب بها الكافرين”.

3أبو الحجاج الأقصري

كانت كرامته هي أنه صديق الخضر، وتم سرد العديد من كراماته على يد الكثيرون، ومن بينهم ما ورد عن الشعراني في كتابة كرامات الصوفية عن أبو الحجاج الأقصري قولة إنه:

“يجتمع بالخضر عليه السلام ، وكان يطبخ طعام القمح كثيراً، فقيل له في ذلك، فقال رضي الله عنه: إن الخضر عليه السلام زارني ليلة فقال: اطبخ لي شوربة قمح، فلم أزل أحبها لمحبة الخضر عليه السلام لها، وكان رضي الله عنه يشترط على أصحابه ألا يطبخوا في بيوتهم إلا لوناً واحداً حتى لا يتميز على أحد”.

4- أبو الحسن الشاذلي

من ضمن أولياء الله الصالحين الذين يتمتعون بكرامات عديدة، حيث تم ذكره في العديد من الكتب، ويقول ابن بطوطة عن كرامات أبي الحسن الشاذلي “أخبرني الشيخ ياقوت عن شيخه أبي العباس المرسي، أن أبا الحسن كان يحج في كل سنة، ويجعل طريقه على صعيد مصر، ويجاور بمكة شهر رجب وما بعده، إلى انقضاء الحج، ويزور القبر الشريف، ويعود على الدرب الكبير إلى بلده.

فلما كان في بعض السنين، وهي آخر سنة خرج فيها، قال لخادمه: استصحب فأساً وقفة وحنوطاً، وما يجهز به الميت فقال له الخادم: ولم ذا يا سيدي؟ فقال له: في حميثرا سوف ترى».

كما تعتبر منطقة حمثيرا في صعيد مصر واحدة من المناطق التي اشتهرت بكونها كثيرة الضباع، ويكمل ابن بطوطة حديثه قائلًا “فلما بلغا حميثرا اغتسل الشيخ أبو الحسن، وصلى ركعتين، وقبضه الله عز وجل في آخر سجدة من صلاته، ودفن هناك، وقد زرت قبره مكتوب عليه اسمه ونسبه متصلاً بالحسن بن علي رضي الله عنه”

5- إبراهيم الدسوقي

من ضمن أولياء الله الصالحين الذين يمتلكون العديد من الكرامات، الأمر الذى جعله اكتسب لقب صاحب العلم، ومن بين الكرامات التي اشتهرت عنه هو أن كان هناك تمساح كبير موجود في نهر النيل بمصر، وقام بخطف صبي من على شاطئ منطقة دسوق.

فذهب ونادى فيهم قائلًا: “معشر التماسيح، من ابتلع صبيًا فليعيده»، وبالفعل طلع ومشى معه إلى الشيخ الدسوقي، وقام بأمره أن يلفظ الصبي فلفظه حيًا في وجود جميع الناس، وقال للتمساح: مُت وبالفعل مات في حينها.

6- عبد الرحيم القناوي

من أشهر أولياء الله الصالحين الذين ذاعت شهرتهم في صعيد مصر، وتم سرد العديد من الكرامات التي يمتلكها، والتي كانت تدور حول أمر ترويض الأسود، حيث تحكي الصوفية أن كان هناك أسد قام بالتهام عجل يعمل في ساقية، فلما أتى عبدالرحمن القناوي أمره بأن يحل محل العجل وبالفعل نفذ الأسد ما أمر به، ومن يومها ويعتبره الناس صاحب كرامات.

 إن كرامات أولياء الله الصالحين  واحدة من الأشياء التي تم إثباتها من قِبل العديد من المذاهب، كما أن هناك قصص تروى كثيرًا وتثبت ذلك الأمر، وبالتالي يذهب إليهم أشخاص كثيرين لنيل بركاتهم.