بقلم: الشاعر أحمد عواد

الابداع هو البوابة الحقيقية للعبور بين الشعوب بما يحمله من معايير ثقافية وإجتماعية فضلا عن إختلاف مساحات التخيل التي ترتبط بالواقع لذلك إعتنت حركة الترجمة بالابداع بإعتباره أحد أهم الروافد لتلاقي الحضارات نحو مجتمع إنساني قادر علي التواصل فضلا عن إكتشاف اّمال واّلام الشعوب التي طالما دافعت عن حرياتها  تحت وطأة الاحتلال  الاجنبي الذي راح في غالب الاحوال الي تثبيط الهمم وإستغلال طاقات ومكتسبات الشعوب وثرواتها . ومن هنا قد كان ديوان(زهور الأزاليا) للشاعر الكوري كيم سو وول (1902_1934) والذي قام بنشره أول مره عام 1925 حيث قامت بترجمته د/ لي دونج أون الباحثة في قسم اللغة العربية جامعة هانكوك للدراسات الاجنبية ، وهذا الديوان هو اول ديوان يتم تسجيله في تاريخ الادب الكوري الحديث حين تم تسجيله من قبل المجلس الكوري للملكية الثقافية كملكية ثقافية حديثة عام 2011

(زهور الأزاليا) يعد بوابة حقيقة  الي عالم يتوق الي الحرية ولما كان حينذاك النص الذاتي إحدي مفردات هذا العصر فقد ذهب (سو وول) الي الحبيبة الوطن ..لكنها الرؤي التي تستطيع ان تكشف المبدع مهما استخدم من معادلات موضوعية ومهما كان طاعناً في استخدام الرمز .

ويجدر بنا هنا ان ننظر الي عنوان الديوان (زهور الأزاليا) التي هي زهور برية لا تنتمي باية حال من الاحوال للقيد فهي تمنح الجمال لكونها حرة طليقة وهذا هو المفتاح الاول للنصوص التي تمنح ذاتها لمن يمنحها ذاته وهو يحنو علي تجربة إنسانية عانت من سعيها الي حرية واستقلال هو في طبيعة الحال حق لكل البشر

في نص عنوانه (نتف الأعشاب)

كل يوم تعاودني الافكار عن حبيبي

الا يوم وحيدا علي الجبل

كل يوم انتف الاعشاب

لالقيها في الغدير ثم يعود

بلا مكان يمنح قلبي البائس بعض الراحة

كل يوم انتف الاعشاب

والقيها في الماء تاركا الغموض

 وانشغل بالاعشاب وهي تذهب طافية في خفة نحو البعيد

وهنا يبدو إصراره في مداومة الفعل اليومي الذي هو أمر عظيم يشغله عن همومه

ف أنه يؤكد اتصال الفعل بالهم.

وهنا ترقي الاعشاب الي أن تكون معادلا موضوعيا للنضال المستمر

والمتجدد من اجل الحرية.

يصاب معها الانسان في بعض الأحيان بخيبة الامل لكنها الروح الثائرة

التي تتوق الي حياة مفعمة بالحرية

 يؤكد ذلك الكثير من النصوص خاصة (البحر)

بما يدل عن الثورة والحرية يتجلي بحثه عن حياة كريمة يملئها الحرية عندما قال :-

اين ذلك البحر الذي اتون ان اعبره

الي ارض اخري في الجانب البعيد؟

 

وقد تقاسم الشاعر مشاعره الفياضة مع الطبيعة في نسق رومانسي .أري أنه إستطاع أن يجدل الكثير من المناهج الابداعية دون ان يقف علي منهج ما وانما ذهب الي الطواف بين الجميع لتظل رؤيته رشيقة شابة تمنح طاقتها المتجدده للقاريء.فعندما قال :

عندما تصيح الديكه،في اول ساعة،كل ليلة

يكون وقت خروجي لتحية روحك

وعندما يرتفع القمر،في نهاية الشهر،فوق الجبل

يحل الوقت لطقوس تحرير روحك

هذه دلالة اخري مستقطعة من النصوص لنؤكد أنه الشاعر الكوري الذي قدم روحه دفاعا عن الحرية والاستقلال وقد اّثر أن تكون المرأة الوطن لما للمرأة من دلالات حب الخصوبة- النماء فهي الحرث والزرع والوطن تتجلي وحدة المرأة الوطن في (ليلة)

أن أذهب للنوم وحيدا هو الوحدة ذاتها

الشوق يثقب القلب ، وهكذا أتألم دوما

حتي عندما يلوح وجهك

وجهك الذي أخشي أن أنساه تماما

تتماهي النصوص في رؤية مترابطة ينتج عنها رؤية عامة للشاعر الاخ بعض الاحيان التي تذهب بعض النصوص لإنتاج رؤي إنسانية خاصة لكنها مرتبطة بشكل من الاشكال بالإطار العام للديوان . ويبدو ان (سو وول) قد جرفه تيار الإغتراب الوجودي في بعض الاحوال فراح يثمن إغترابه في مواجهة الجميع فجمع شتاته وّالامه وراح يدشنها في بعض النصوص منها (وجوه مألوفة) ، (ثقة عميقة) ، (حلم) ونصوص أخري لكن سرعان ما تعود اليه روحه الثائرة في (أرض دولة أخري)

جسر الفولاذ هناك ، فيما أنظر للوراء

ركضت نحوه في ارتباك

أحبس أنفاسي ، والاّن قدمي مزروعة

في أرض لدولة أخري.. ما.

ثم (مسافة الف “ري”…عشر الاف “ري”)

إنني في طريقي ، لا شيء يوقفني

ألقي جسمي في إصرار

في مسافة الألف “ري” ، العشرة اّلاف”ري” سأظل ماضيا

أصعد مسرعا كسهم منطلق

علي طول هذا الطريق وأذهب ، وأري

الجبل المحترق ، الجبل الذي يحترق

ويطلق أعمدته الدخانية ؛ واحدا فاّخر

حيث تتجلي طاقته الثائرة في قطع المسافات للوصول الي الحلم حتي تجلت التجربة في (نباتات مائية)

من كان يمكن أن يتصور أن شخصا اّخر سوف يثور

قابضا سيفا ، تقوده ثلاثمائة عام

من الاستياء تجاه عار

أقسي من قدرة البشر علي التحمل؟

كان هناك هذا الشخص ، الذي صنع من قطع البامبو

قوسا ، والسيف من مجرفة صدئة

ورفع راية العدالة عاليا

قارعا الطبول علي طول الأرض وعرضها

حينما تحدث عن المخلص الرمز وتأخذنا النصوص في تناغم انساني مفعم بالحلم والأمل في رباط عضوي لا تشعر سوي انها دفقة شعورية متوازنة تحقق النشوة للقاريء في نفس الوقت التي تمر به فتفتح اّفاق جديدة من المعرفة باكتشاف جانب من التراث الكوري الذي هو بمثابة جزء لا ينفصل عن التراث الانساني العالمي وقد دفعني ذلك لكتابة هذه السطور المتواضعة التي هي بكل الاحوال انطباع أولي يدفعني قدماً الي قراءة متأنية في محاولة لاكتشاف المزيد تدفعني رغبتي للتواصل مع هذا العالم الابداعي الذي أنتجه (سو وول) ليمد به جسور التواصل علي الصعيد الانساني العالمي.

          أحمد عواد

أمين عام الملتقي الثقافي السكندري(البحر)