11401146_10200626771948599_4175488736272565421_n

          حكيم المصرى

 

إبداعت جديدة  ..  قصة …. أماني وآمانيها…….  بقلم /  حكيم المصرى

 

 

أماني فتاة فى العشرين  ,   مرحة نشيطة , محبة للحياة , تعشق الإنطلاق والحرية.وفي أحد الأيام الصيفية , وقفت أمام المرآة , تمشط شعرها الطويل المفرود , وأخذت تمرر أسنان المشط بين خصلاته مراراً وتكراراً ,
ووجدت نفسها تتأمله بحب , فهو تاجها الذي به تتزين رأسها, فهي تفتخر به .
وفي وسط تأملاتها وجدت نفسها تتحدث تقول : كم

إشتقت يا شعري لنسمات الهواء , كم تريد أن تسافر عبره ؛ لتصل لعنان السماء , آه منك يا شعري تريد الحرية , تتمنى إمتلاكها .
وفجأة تذكرت المرة الأخيرة التي خرجت فيها بمفردها فاقشعر جلدها ! وإنقبض قلبها ! فلملمته بحسرة , وهي ناظرة إليه بحزن شديد ..
لكن وجدت نفسها تتحدثُ بغضبٍ : لما لا أخرج ؟ لماذا لا أستمتع

بالحياة ؟ فأنا إنسانة لي حقوق , لا يجب أن أظل ساكنة , قابعة بالبيت كمن يعمل بياتاً شتوياً .
سأتحرك ولن يمنعني شئ , وفردت شعرها وتركته على حريته , وارتدت ملابسها , وخرجت للشارع يسبقها وهو يرفرف فرحاً .
وعندما لامست قدماها أول الطريق ؛ أحست بأنها عصفور مغرد فاردٌ جناحيه ليطير .

 

ذهبت مباشرة إلى محطة الترام الأزرق فيكتوريا , ركبت في عربة السيدات ,جلست بجانب النافذة , تحرك الترام هادئاً , ثم تسارعت حركته ,وأخذ يقطع الطريق بين المحطات ؛ محطة تلو الأخرى , وهي مخرجة رأسها خارج النافذة بحذر ؛ لتستمتع بضربات الهواء المتتالية على وجهها , وتتمتع أكثر بطيران أجزاء كثيرة من شعرها, خارجاً منطلقاً , لا تحده حدود , ولا تمنعه موانع .

وعندما اشتدت سرعة ضربات الهواء ؛ ابتسمت ثم ضحكت ثم تعالت ضحكاتها ؛ فخرجت فرحة مرحة صاخبة ؛ كطفلة راكبة إحدى ألعاب الملاهي .
أحست بعد فترة أنها قد لفتت إليها الأنظار , فتبسمت ابتسامة داخلية وقالت أنا لم أخطئ ؛ فأنا سعيدة لم أضر أحداً , ونظرت لمن حولها وابتسمت لهن جميعاً, فمنهن من رد عليها الإبتسامة بمثلها, ومنهن من أشحن بعيداً بوجههن إستنكاراً ؛ لكونها فتاة تركب المترو وحيدة .

أدارت وجهها للخارج مرة ثانية , غير عابئة بمن رفضها , فهي لا تريد أن تغضب أو تثور ؛ لسبب كهذا , وأرسلت نظرها للأمام تاركة له العنان .
جاءت محطة الرمل ؛المحطة الأخيرة للترام , فنزلت وتوجهت للبحر , فاردة ذراعيها , تستقبل الهواء , فتشعر وكأنها أصبحت ملكة متوجة للإسكندرية .
أقتربت من الكورنيش, وعبرت الطريق إليه ,ووقفت مستسلمة لهواء البحر ,يداعب وجهها , أحست وكأنها إمتلكت الدنيا ؛ عندما استمتعت برؤية المراكب في البحر تبحر وراء رزقها , ورأت الطيور البحرية تلتقط طعامها من سمك البحر .
شعرت براحة وسعادة لا توصفا , وقررت أن تذهب لتأخذ صورة لها بجوار تمثال سعد زغلول , الواقف شامخاً ينظر إلى البحر , فوصلت له عبر الطريق , ووقفت بجواره , وطلبت من إحدى الأنسات أن تأخذ لها صورة , فألتقطتها لها ففرحت بها جداً ,.
ثم وقفت تتأمل سعد باشا زغلول حتى وصلت لعينيهِ , فقالت له : لما تنظر إلى عمق البحر ؟ ماذا تنتظر منه ؟ ودارت حول نفسها وقلدته ونظرت إلى البحر , وتسائلت ..هل فقط ياباشا تشاهد المراكب ؟ أم تراقب حركة الناس في الشارع ؟ أم يئست منهم بعدما قلت ” مافيش فايدة ” .
هنا شعرت بيد غريبة تنتهك جسدها .. بيد تستبيح عرضها .. بإنسانٍ همجيٍ سمح لنفسه أن يلمسها من خلفها .
تجمدت في وقفتها , وكأنها تحولت إلى جماد دون روح , شعرت بفوران بركان يصعد من أعماقها ,وخصلات شعرها تتطاير، غضبت..فأنفجر بركان الغضب فى صفعة هائلة على وجه ذلك الهمجى ……

  تمت

 

 

************************************************************************************************************************************************

 

إبداعات جديدة ….  قصة …                         القطار                      ..  بقلم /  حكيم المصرى

 

شريف شاب في آواخر العشرينيات من عمره , يعمل محاسب بإحدى قرى شرم الشيخ السياحية , على قدر معقول من الوسامة والرجولة , أعزب , يقضي عشرة أيام فقط كأجازة بالإسكندرية .
وأنتهت أجازته الحالية , واستقل القطار للقاهرة , جلس بجوار النافذة كعادته , يشاهد المناطق الزراعية , ويُمتع عينيه بالخضرة , بينما القطار يقطع المسافات بسرعة, وشريف واضع رأسه في الزجاج يتابع ما يجعله سعيداً .
بعد مغادرة محطة دمنهور , لفت إنتباهه فتاة تجلس في أحد المقاعد الأمامية , لكن مقعدها مستدير لتقابل مقاعد أهلها , فشاءت الأقدار أن تكون أيضاً مقابلة له , فوجدها حسناء , بيضاء , مليحة , شقراء الشعر , بضة , تابعها لفترة ؛ فوجد لديها إبتسامة ساحرة ,رقيقة , ناعمة .
شغلت باله صاحبة الإبتسامة , فحدثته نفسه : لما لا تكون هي نصفك الأخر الذي تبحث عنه !
فاستمر ينظر إليها , متمنياً أن تتلاقى أنظارهما , فيتعانقا ويسبحا في السماء سويا , فحدث المراد ؛ وتم اللقاء , فرقص قلبه طرباً عندما استقر نظرها عنده, حتى وإن كان لثوان ٍ معدودة ٍ.
تابعها أكثر , أحس أنها تتحدث إليه , وعندما كانت تنظر إليه كان يشعر وكأن الدنيا تأتيه طواعية ,
مانحة له كل ما يتمناه , وجد نفسه كأنه يحلمُ مرتدياً البذلة السوداء اللامعة , وهي بفستانها الأبيض الناصع ذو الطرحة الطويلة, يزف ُ إليها , يسيرا سوياً على سجادة خضراء , هي طريق ممهد بين الزراعية التي يعشقها , يتجها إلى بيت من بيوت الريف , في وسط الحقول فيجتمعا معاً , فيسعدا بقية عمرهما .
استمرت أحلامه في التنقل من الزفاف إلى الدخلة , إلى السبوع , إلى السعادة المشتركة في كثير من خروجهما معاً ؛ يشاهدا الدنيا من حولهما بنظرة مختلفة .
كل هذا وعيناه متابعة كل لفتة تحدث منها , جاءه هاتف داخلي , أن يذهب خارج عربة القطار , ويمر بجانبها , فيملي عيناه منها أكثر , فقام وعبر الممر ومر بجانبها , فحانت منها نظرة غير مستقرة له , فسرها أنها تخشى من أهلها , فسرَّ قلبه .
عاد بعد أن خرج سريعاً لمقعده , سعيداً بتوافقها معه , واستكمل رحلة متابعته لها والإستغراق في أحلامه, حتى بدأ يحلمُ بملامح أولادهما ..
دخل القطار محطة مصر , فاستفاق من الأحلام على ضوضاء الركاب , يجمعون حقائبهم استعداداً للمغادرة , فقام وعيناه متعلقة بها , كانت جالسة في هدوء مستكينة , فقرر أن ينتظرها بعد نزوله مباشرة , ليحاول أن يعطي لها رقم هاتفه , وهذا أضعف الطرق لبناء جسور التواصل بينهما .
توقف القطار , هبط شريف مسرعاً , بعد أن كتب رقم هاتفه في ورقة , أمسك الورقة في يد وشنطته في اليد الأخرى , رأى والدها متقدماً ثم تلته هي وبجانبها والدتها ممسكة بيدها , وهي ممسكة بطرف الفستان الطويل الذي ترتديه .
ما أبدعها ..ما أجملها ؛ هكذا حدثته نفسه .
وفجأة وهي تخطو خطوتها الأخيرة لتهبط , تتعثر إحدى قدماها في الفستان , فيتوقع أنها ستسقط على وجهها , فسارع بتخطي الحواجز البشرية الفاصلة بينهما , فارداً ذراعيه , فيتلقاها بينهما , ويتعثرا الإثنان, فيسقط هو على ظهره , وتسقط هي فوق صدره , صارخة من الفزعة, فيتجمع الأهل والناس ويساعدهما على الوقوف , يبحث هو عن عيناها ليلتقى بهما , ليسمع ماذا ستقولان له , وجدها ناظرة لأسفل نظرة مكسورة , و يداها تشيح فى الهواء قائلة :
_   أنا آسفة.. سامحني..أنا لاأبصر ……

      تمت                                                                                    حكيم المصرى

***********************************************************************************************************************************************************