قصة شفيقة ومتولي مكتوبة

قصة شفيقة ومتولي لم تلقَ الشهرة إلا في بداية الخمسينات، تزامنًا مع ثورة يوليو 1952، حتى تتغلغل في نفوس الشعب المصري ولم تنأى عن أذهانهم لأمد بعيد.. فأصبحت مجالًا للتغني والكثير من الأعمال الفنية، وعلى الرغم من أنها قصة مروعة بالنسبة للبعض إلا أنها للبعض الآخر مثالًا للشرف، وفي الواقع العربي نذكرها لكم مع المزيد من التفاصيل.

قصة شفيقة ومتولي مكتوبة

القصة الحقيقية تبدأ في قرية “المجابرة” التي تتبع مركز “جرجا” في سوهاج، فقد هربت شفيقة إلى أسيوط أثناء تجنيد أخيها متولي في الجيش، وأقامت في بيت دعارة بجانب قهوة “العطيلي”، وسرعان ما أخبر جندي متولي أن أخته تعمل في الدعارة.

فما لبث متولي وأخبر قائده بطلبه إجازة، وفيها أخذ يتفند في الأمر حتى وصل إلى الحقيقة، وعزم على الانتقام لشرفه واسمه، وقتل أخته شفيقة، وآلت الأمور إلى حبسه 6 أشهر، لأنه قتل وفقًا لقضايا الشرف فلا عقوبة إعدام يستحقها، على أنه لم يُسجن مع أولئك المحكوم عليهم بالجنح والجنايات، لكن في ثكنات رجال الجيش التي تليق بهم.. ولكن ظلت الحادثة على لسان أهالي المحافظات المجاورة، فلم يخلُ الحديث عن العار الذي تسببت فيه شفيقة إلى بلدتها سوهاج وأن أخيها رجلًا استطاع أن يغسل عاره.

فهكذا تجلى مفهوم الشرف الشرقي والحفاظ على العادات والتقاليد، وفي رأي البعض جاءت مثالًا على أن الجيش هو مصدر الشرعية دائمًا وأبدًا، على اعتبار أن “متولي” كان من أفراد الجيش ورجاله الأبسال.. فهو من حمل معه القيم الوطنية الإنسانية والأخلاقية.

اقرأ أيضًا: أسطورة عزت حنفي امبراطور الصعيد

متولي رمز الرجولة في سوهاج

في قصة متولي وشفيقة كان متولي هو البطل الأسطورة في نظر أهل بلدته، فهو يمثل نخوة ورجولة الرجل الصعيدي، وكان ملهمًا لغيره من الرجال، فخورين بشخصيته الرادعة لجنس النساء وإدانتهنّ، إلا أن الأمر لا يخلو من الوحشية في تلك الأسطورة المسماة متولي.

فهل رقّ قلب أحد الأهالي وهو يرى متولي يقطع جثة شقيقته ويلقيها على الشارع؟ وإلا ما كانت تُسمى ملحمة حقًا.. ولكن الأخطر وما يدعو إلى الدهشة أن ثمة من الرجال وجدوا في متولي ضالتهم وهو نموذج وحشي.. وعليه، لجأ بعض النساء إلى التظاهر بشخصية شفيقة وإن لم يقعن في خطيئتها الفادحة، دفاعًا عن حقها المُهدر وإن كانت مُخطئة.

اقرأ أيضًا: خط الصعيد أشهر سفاح فى تاريخ صعيد مصر

الأعمال الفنية لقصة شفيقة ومتولي

لم تقف قصة شفيقة ومتولي عند حديث أهالي سوهاج، بل تناولها الكثير من المؤلفين والمخرجين، وتجسدت في أعمال فنية درامية على النحو التالي:

مسرحية كتابة “شوقي عبد الحكيم”
فيلم بطولة أحمد زكي وسعاد حسني، وإخراج علي بدرخان، وتأليف صلاح جاهين، في 1978
مسلسل درامي بطولة: عبد الله غيث، سميحة أيوب، معالي زايد
تمثيلية إذاعية حلقات عن قصة شفيقة ومتولي

على أن فيلم شفيقة ومتولي كان جامعًا لكافة عناصر نجاح أي عمل فني، حيث الإخراج والتمثيل الفريد جعله علامة مميزة في تاريخ السينما المصرية، والذي كان منوطًا بالحكاية التي سُلب فيها الشرف إثر الفساد الاستعماري، راويًا قصة شفيقة ومتولي الحقيقية، مرورًا بعرض كافة أنواع الفساد التي من الممكن أن يمر بها المجتمع المصري في الفترة الاستعمارية، الأمر الذي يجعل نساء القرية تفر إلى الرقص والدعارة هروبًا من الظلم وقسوة الاستعمار.

اقرأ أيضًا: قصة زودياك السفاح الحقيقية

كلمات ملحمة شفيقة ومتولي

يسعنا هاهنا أن نذكر في قصة شفيقة ومتولي بعض كلمات الأغنية التي تصف الملحمة، وهي من الأغاني الشعبية التي لاقت صدى واسع في التراث الشعبي المصري، منها ما يلي:

متولى يقول مبيديش

والوحدة عالية متعديش

جالو الطلب وخدوه الجيش

يا جرجاوى يا جرجاوى يا متولى

يابو زينة عندك فادار بالنار

وشبيبك في الدار بالنار

دا خد شريطة فى ضرب النار

ناس على رجوليتة شريطين

وكان فى بلدو شريطين

وارقى وعلق شريطين

أصل الراجل الخالى مبيتشويش

وفى الطوارق بيت شويش

غيتو بالغ بيت شويش

متولى بالغ بيت شويش

وجاتو قرطة من منجابات

تبع أسيوط

فى القرطة عسكرى ماشو بكيفو

بالمال اهلو بيكفوة متولى ضربو بكفو

قالو ازاى بتضربنى يا جبان

روح ادفن نفسك جوة جبانة

أدى صورت اختك جوة جيبى انا

يا جرجاوى يا جرجاوى يا متولى

متولى لما شاف

بقى زليل ونفسو مكسورة

وقام سريع راح للكومندان

يقول انا مش باخد العزر والجازة

انا لو عملت غلط اتجازى

أمانة يا بية ادينى اجازة

… لية تاركنى ولية سلامات يا متولى

قالو يابا مش عايز سلامات عايز اعرف

فين اختى شفيقة

قالو يابنى اختك من تانى ليلة يا ابنى

اختك صبحت عليلة وماتت والدوام لله

يا جرجاوى يا جرجاوى يا متولى

قالو شفيقة اختك ماتت

قال يابا بنتك لو انتة ربتة

مطرفتش وتاخدت طربتها

طيب قوم ورينى طربتها

قال يابنى اختك من يومك مشت

وسابتنى ولا اختشت

وابوك عجز وعقلو شت

طلع متولى من البيت زعلان

طلع تاية تاية من المنزل

قطع ورقة لاسيوط ونزل

يا جرجاوى يا جرجاوى يا متولى

بسرعة متولى طلع فوق

يقول ولا حد معايا متفوق

شوف السكرانة لما تفوق

وشافتو وفاقت من الخمرة

قالتلو خدنى واتوب على ايدك

قاللها يا شفيقة بعد اية تتوبى

وتتمحكى وتقولى مكتوبى

دى رقعة ماتطلعش من توبى

متولى دا راجل تقيل وساكن

وراة بيبان البيت سكين

اتى بالغضب وفى ايدو السكين

وقال دى لو كان عليلة مين يزورها

وجة سريع تلف منظرها

وعزل الجتة من ظورها يا متولى

يا جرجاوى يا جرجاوى يا متولى

وطلع البلكونة بسكنتو يقول

جرحى فى قلبى سكنتو

يا ناس وسعولى سكة انتو

لاقى الحكومة تحت البيت

يقلولو انزل وتعالى

قال انتو حكومة البر طاب ليكم

وانا من فوق ما اطب ليكم

الله اما جانى طبليكم

هاودوة وجابولو الطبل ونزل

بعد ماتلف المنزل

شال العار وكلام العزال متولى

يا جرجاوى يا جرجاوى يا متولى

بسرعة حددولو جلستو ندة القاضى

وقف قدامو قالو بتموت شفيقة لية يا متولى

قالو يا بية انا دمى فار زى العمال

ومع اسود عمل الفار عمل

وحدانا شجرة وفيها فرع مال

مفيش غيرى لاعم ولا خال لية

اشرب المرار دة والخل لية

اقطعو يا بية ولا اخلية

كان القاضى اسمو حسن

راجل عندو فضل واحسان

قالو صراحة قطعو احسن

يا متولى

يا جرجاوى يا جرجاوى يا متولى

اصل انتة شريف وعملك شئ يعليك

ابدا مفيش شئ عليك

غير 6 شهور اشاعة ليك

وخدهم سجنو رد للجيش

بعد ما كان دمعو يبل ايدو

قالو دا اللى شغل البال ادوة

صراحة شرف بلدو

يا جرجاوى يا جرجاوى يا متولى

هي ملحمة شعبية تسرد حكاية لـ “متولي الجرجاوي” ظهرت في الوجه القبلي وتأثر بها سكانه، وقد غناها “حنفي أحمد حسن”.. وكان منشأها في صعيد مصر.

لم تكن قصة شفيقة ومتولي ملحمة بالمفهوم البطولي الذي يظنه البعض.. بل أقرب هي إلى المذبحة البشعة التي خلت من الإنسانية، لتروّج بصورة مغلوطة وكأنما إهدار الدماء أصبح عملًا يستحق الثناء.