بقلم : ياسر الشيخ
اعتادت المساجد الكبيرة بمصر على وضع صندوق بالمسجد فى موقع بارز بحيث لا تخطئة العين.. مكتوب عليه تصدقوا لاستكمال البناء…. اخر يضع ، تصدقوا للفقراء … ثالث ، تصدقوا فالصدقة وقاية من النار…
بالطبيعة المصرية نتبرع عندما يتعلق الامر بالمساجد دون مناقشة او سؤال الى اين ستذهب فقد استقر فى نفوس الجميع ان صندوق المسجد لا يسرق…..وخدام المسجد لا يسرقون……
استقر هذا المفهوم فى جينات المواطن المصرى … ومن ثم اعتاد الجميع ان يضع الثقة فى خدام المساجد ولا يشك فى ذمتهم المالية…
استخدم الكثيرون فى مصر كلمة خدام .. ليس للمساجد فحسب ولكن للوطن باكمله واصبح كل موظف فى موقع ما من خدام الوطن…. مع مرور الوقت استغلت فئة من المصريين الخدمة من اجل تحقيق المصلحة الشخصية تحت ستار ( خدام الوطن!!!). واصبح الشعار المرفوع على هاماتهم ويتم تصديرة وتسويقه عبر حواريهم بوسائل الاعلام .. قبلت المهمة من اجل خدمة الوطن!!!
خدام المسجد يحصلون نظير خدماتهم على ما يعينهم على الحياة ولا يحصلون من الصندوق على ثمن سيارة احدث موديل ومكاتب مكيفه واقامة بفنادق خمس او سبع نجوم… لا يعالجون اوجاعهم بمستشفيات اوربا ولا يقضون ( الويك اند) بمراسى الساحل الشمالى او العين السخنة… لا يرتدون ملابسهم من الشانزليزية الفرنسى ….
خدام المساجد لا يخصلون من صندوق المسجد على مقدم فيلا فى التجمع الخامس …لا يتحصلون على بدل جلسات ولجان قد تصل الى مائة جلسة ومائة لجنة ..بمبالغ لا حصر لها….
خدامكم يا مصر سرقوكى
فى وضح النهار. . قالوا نحن جنود فى خدمة الوطن وهم يستغفلوننا انهم جنود فى خدمة انفسهم وذويهم …..خدامك يا مصر ليسوا الا لصوص ظرفاء بايدى ناعمة ملكوا طباق الارض فملئوها جورا وفسادا….
يأتى معالى الوزير امام شاشة الفضائية تكاد علامات الورع والتقوى تقفز من الشاشة الفضية وهو فى حالة اندماج تام فى دور خادم الوطن….. ثم تراه بعد لمس مؤخرته للملعون ( الكرسى) وقد انتفخت اوجادة وعلا صوته…. واغلق بابه.. بل واستبدل وجهه فالقى بقناع الورع والتقوى والخدمة فى اقرب سلة قمامة امام باب مكتبه..،،،
يوم ان تعلق اللافتات لنواب الشعب انظر جيدا وتفرس وجوههم وحافظ على تدوين كلماتهم ومواعظهم وتطلعاتهم … اجلس فى الصف الاول كى تكون قريبا من منصات النواب ، واستعن بمنظف للاذن كى تمتع اذناك باطيب الحديث واحلاه… واقترب منهم فى جولاتهم واسقبالهم للمحتاج والمريض وذوى الحاجة ..، تفرس قسمات وجهه فى عزاء ثم فى زفاف….
ستجده خادما مثاليا معطاءا يعطى يمينا ويسارا موزعا ابتسامته على الصغير والكبير،، لا يترك واجبا ترحا او فرحا.،، ثم..، اطلبه بعد لحظات من اعلان فوزة بمقعد خادم الدائرة ..انتظر الرد على مكالمة هاتفية لك عبر تليفونه ستجد رساله ترد على اتصالك( هذا الرقم غير موجود بالخدمة)…، وتلك اولى محطات انهاء الخدمة ممن كذب علينا بانه ما اراد سوى ان يكمون خادما للدائرة وابنائها..،،،
انه الان حول وجهته نحو ذاته لجمع اكبر قدر من الغنائم والمكاسب المادية والمعنوية.،،وليذهب الاخرون الى الجحيم.،،،
خدامكم سرقوكم يا مصر….
لم يدعوا ليلا ولم يتركوا نهارا الا وكانوا منشارا فى جسدك دون ان ترف لهم عينا ولا تخز ضمائرهم وخزة احساس بذنب…
الامر ليس قاصرا وزير او نائب،، انه عم وشمل الجميع فقلما تجد خادما لا ينتظر شيئا.. وقلما تجد خادما يقنع بما يتحصل عليه نظير خدماته، بل يسعى لخلق فرص اكبر للحصول على مقابل اكبر نظير خدماته…
ان اختصار الخدمة فى شخوص بعينها واتخاذهم لها شعارا صار مضحكا.. بعد ان علم القاصى والدانى ان …. خدامنا هم اول من سرقنا.

%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d9%8a%d8%ae